والثاني: أَن ذلك كان آية عظيمة لهم، لم يكن ذلك لغيرهم.
والثالث: أَن أَولياء المقتول قد كانوا -قبل أن يحيى- يدَّعون عليهم القتل، فلو كان لهم حق القبول، لم يحتج إلى تلك الآية.
والرابع: أَن قبول قول الميت أَحق من قبول قول الولي؛ لأَن الوليَّ ينتفع بقوله، والميت لا ينتفع بقوله شيئًا، ثم القتيل لا يقبل قوله في شريعتنا فكذلك الولي، والله الموفق.
ثم وَجْه جعْلِ البقرة آيةً دون غيرها من البهائم وجهان:
أَحدهما: ما رُويَ أن رجلًا كان بارًّا بوالديْه، محسنًا إليهما عاطفًا عليهما، وكانت له بقرة على تلك الصفة والشبه، فأراد اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أَن يوصل إليه في الدنيا جزاء ما كان منه بمكان والديْهِ.
والثاني: أَنهم كانوا يعبدون البُقُور والعَجَاجيل، وحُببَ ذلك إليهم؛ كقوله:(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ)، ثم تابوا وعادوا إلى عبادة اللَّه وطاعته، فأَراد اللَّه أَن يمتحنهم بذبح ما حُبِّب إليهم؛ ليظهر منهم حقيقة التوبة، وانقلاع ما كان في قلُوبهم من حب البُقُور والعجاجيل، واللَّه أَعلم.