للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخفاء، والخاصة النجباء الذين يعلمون أنهم أئمة الخلق، وعلى الاقتداء بهم حثت الأمة، مع ما في ذلك عدول عن الظاهر، وقول بالذي لا يحتمل فهمه عنه؛ ثبت أن كان ذلك منهم عن بيان من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أو عن دليل شهدوه أظهر المراد. ولا قوة إلا باللَّه.

على أن في الآية، لو كان في تصريح جماع، لكان يلزم ذلك بالخلوة لوجهين سوى ما ذكرت:

أحدهما: جرى أحكام الكتاب والسنة في البدل لأشياء مقصودة اسما وتحقيقًا يستوجب حق العرفاء بها بحق شرط اللَّه القبض في الرهن، والقتال في المغانم، والإيتاء في الأجور والمهور والخروج لأمر الهجرة وأمر رؤيا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لما أسلما لأمر اللَّه، فعلى ذلك أمر المهور والعدة في الخلوة إذ هي سلمت نفسها لذلك، وعلى ذلك أمر الخروج من الأمانات بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، ولو كان لا يخرج إلا بإدخال في الأيدي في الحقيقة، لكان لا سبيل إلى القيام بما كلف اللَّه تعالى. وعلى ذلك إجماع القول في الإجارات إذا أمكن الانتفاع بها. واللَّه أعلم.

والثاني: أن النساء لا يملكن من تسليم ما عليهن من الحق، ومحال أن يلزمهن من الحق أكثر مما ذكر، لكن اللَّه تعالى وسعهن؛ فثبت أن ليس عليهن غير الذي فعلن، فاستوجبن ما لهن، وعلى ذلك قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ)، والله أعلم.

ثم قد أجمع على وجوب المهر في موت أحدهما، وأن الموت لا يسقطه، وإن لم يكن ثم دخول. فهو - واللَّه أعلم - أن المقصود بالنكاح الملك وقيام الزوجية إلى موت أحدهما، وإن كان ذلك الاستمتاع وقد وجد تمامه. وقد بينا أن المهر للملك، لا لنفس الاستمتاع، فوجب كماله وإن مات أحدهما، لما بلغ الملك نهايته.

وعلى هذا يخرج قولنا فيما لم يسم لها المهر؛ إذ مهر المثل إنما هو بدل الملك. دليله: أنه يوجب لها المطالبة به عند قيامه وإن لم يسم به.

وأصله: ما بينا من تعلق هذا الملك بالبدل حكمًا، وإن لم يكن تعلق به شرطًا، وقد وجد ثَمَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>