للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا رُويَ عن ابن مسعود، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، في ذلك، وقام معقل بن سنان فقال: " نشهد أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قضى في بروع بنت واشق بمثل الذي قضيت أنت ". فسر به عبد اللَّه لموافقة رأيه ما روي له عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وإذا ثبت ذلك فعلى ذلك، إذ المعقول بالنكاح أن تبذل المرأة نفسها له ليستمتع بها، فإذا جاءت الخلوة وجد تمام المقصود منها بالنكاح، على ما وجد في موت أحدهما، فيجب كمال المهر كما وجب بالأول، ويستوي في ذلك مهر المثل والمسمى. والله أعلم.

وعلى ذلك فيما لم يوجب جعله بذل المنفعة، إذ هو قيمة البضع، ويجب قيمة الأشياء بإتلافها، ولم يوجد هاهنا. وعندنا: أنه وإن كانت قيمة ذلك فهي بدل ملك ذلك، لا بدل الانتفاع نفسه، إذ لا يجب في الزنى؛ ثبت أنه للملك يجب أو لشبهته، وقد وجد في الأول على تمام ما رجع إليه المقصود، وجب على ما مر بيانه. واللَّه أعلم.

وأوجب قوم في المسماة بعد النكاح نصف المسمى إذا طلق قبل الدخول استدلَالًا بظاهر الآية. ولكن التسمية عند الناس إنما تكون في العقد حتى لا يعرف لها وجود غيرها، وهي التسمية في العقد، فهي المرادة في الخطاب، إذ هي المعروفة من الفرض، ثم غيرها بحق الاستدلال، فإن ألزم الدليل لها حق التسمية في العقد لزم، وإلا لا. ثم وجد جميع الأسباب التي تحتمل الاعتياض جعل ذكر الفرض بعد السبب كلا ذكر، فمثله أمر النكاح، فأوجب ذلك فساد التسمية، فلم يجب المسمى من بعد إلا حيث يوجبه الدليل، وقد قام دليل الوجوب عند وجود ما له حكم الدخول بها، يجب عند ذلك، وإلا لا.

ثم وجه لزوم القول بما يخرج على أحوال أحديهما أن لهذا التسمية إذا جازت جازت بحق مهر المثل، إذ كل سبب ليس له عوض بالحكم لم يجز. ثم كان مهر المثل يسقط قبل الدخول بها، كذلك الواجب به. واللَّه أعلم. وأيضًا فإن الحكم يوجب تبيين مهر

<<  <  ج: ص:  >  >>