للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما جواب من قال: بأنه إذا تزوجها على جارية ودفعها إليها، فولدت ولدًا، أن له نصف ما فرض - فإنا نقول: إن الآية ليست في الفرض الذي معه آخر ولدًا أو غيره؛ ألا ترى أن الجارية إذا كانت عند الزوج فولدت ولدًا فإن لها نصف الجارية ونصف الولد، والولد لم يكن في الفرض وقت العقد؟ فعلى ذلك الآية ليست في الجارية التي ولدت عندها، ولكن في الفرض الذي لا زيادة معه. ثم لا يخلو إما أن يجعل نصف الجارية لها دون الولد، فقد فسخ العقد في الأصل فبقي الولد بلا أصل، فذلك ربا. أو يجعل له نصف الجارية مع نصف الولد، وهو غير مفروض، واللَّه تبارك وتعالى إنما جعل له نصف ما فرض؛ فبطل قول من قال ذلك. واللَّه أعلم.

قال الشيخ، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، في قوله: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)، قيل: يريد به المؤمنين فيكون في هذا التأويل دلالة على ما قاله أبو حنيفة. رضيَ اللَّهُ تعالى عنه: أن لا تلزم الذمي المتعة.

وقيل: على من قصدهم الإحسان إلى الأزواج ويتقون الخلاف، لما كان عليه النكاح من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. واللَّه الموفق.

واعتل قوم في حق العدة وكمال المهر، أنه ذكر فيه الطلاق لا على تخصيص الحكم له، بل بكل ما يكون به تسريحها فمثله يكون ذكر المماسة - لا على تخصيص، ولكن بكل ما يكون به تحقيقها. ولا قوة إلا باللَّه.

قال: وقدرت المتعة في الاختيار بالقدر الذي كان يمتعها بالإمساك، إذ لا بد من كسوتها، ليعلم أن ليس للفرار عن ذلك الحق يطلق، أو بما به يخرجها من منزله فأمر أن يمتعها بما به التي تخرج من المنازل. وأقل ذلك ثلاثة أثواب. واللَّه أعلم.

وفي هذه الآيات دلالة واضحة على أن الشيء التافه لا يحتمل أن يكون مهرًا؛ لما أوجب عند العدم، فيما لا تسمية فيه، الشيء الخطير، وهو الذي يمتعها، وأقل ما تمتع هى له فيه ثلاثة أثواب وفيما سمى أمرا عند ذلك بالعفو وجب، لا يحث على العفو عنها، ولا يرغب بين الزوجين إلا الأخذ بالفضل بمثله دل أن لذلك حدَّا قد يجري بمثله التنازع، فيرغبون في إبقاء ذلك واختيار ما به التآلف على أن اللَّه - جل ثناؤه - قد جعل بناء النكاح بالأموال وبها أحل، وقال في ذي العذر: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ. . .) الآية، ولو كان بحبة طول حرة لكان لا أحد يعجز عنها فيشترط ذلك في

<<  <  ج: ص:  >  >>