للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تزويج المملوكة وبخاصة على قول من لا يبيح إلا بالضرورة، فمن رأى يضطر إلى حبة يتوق إلى الاستمتاع فضلا من أن يتخير، ثم على ذلك قال في الإماء: (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) والحبة معلوم أنها أنكر من المنكر؛ فثبت أن مهر الحرائر بمن ويظهر في أهل الحاجة، وأن القول بجعل الحبة مهرًا تامّا ووصف ملكها بملك الطول قولًا مهجورًا، لا معنى له. وبعد فإن الناس قد أجمعوا على أنها لا تملك (المعروف) ببضعها، والبدل للزوج بلا بدل يلزمه، فصار كمتولي العقد على ما ليس لها، وحظ القليل في مثله والكثير في المنع واحد. فقياس ذلك ألا يكون الحط من مهر مثلها، والحبة لا تكون مهر مثل أخبث امرأة في العالم، فلا يجيء أن يجوز الحط ولكن أجيز العشرة بالاتفاق، ولم يجز الأكثر للتنازع، وقد بينا الفساد من طريق التدبير. واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ).

قيل: المرأة.

وقوله: (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ).

اختلف أهل التأويل فيه:

قال علي وابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنهما هو: الزوج - وقال قوم: هو الولي. وأمكن أن يكون قول من قال بأنه الولي؛ لما أن المهور في الابتداء كانت للأولياء.

دليل ذلك قول شعيب لموسى: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي

ثَمَانِيَ حِجَجٍ)، شرط المهر لنفسه، وكما روي من الشغار، ثم نسخ من بعد وصار ذلك للنساء بقوله تعالى: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) وقوله: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)، وقوله: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا)، ولأنهم أجمعوا على ألا يجوز لأحد المعروف في ملك الآخر إلا بإذنه؛ فعلى ذلك لما ثبت أن المهر لها لا يجوز للولي المعروف فيه.

وقوله: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)، يعني المرأة تترك النصف ولا تأخذ منه شيئًا. وقوله: (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)، يعني الزوج يجعل لها كل الصداق، يقول: كانت في

<<  <  ج: ص:  >  >>