للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنها هي صلاة العصر.

وقال قائلون: هي الفجر؛ ذهبوا في ذلك إلى أن النهار يجمع الصلاتين، والليل بطرفيه كذلك، فالفجر أوسطها. وكذلك رُويَ عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنه - أنه قال: هي الفجر.

وقال آخرون: هي الظهر؛ ذهبوا في ذلك إلى أنها إنما تقام وسط النهار، فسميت بذلك. وكذلك رُويَ عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - أنه قال: هي صلاة الظهر.

ومن قال: هي العصر، ذهب في ذلك إلى ما روى من الخبر، وإلى أن العصر هي الواسطة من صلاتي النهار وصلاتي الليل لأن صلاتين بالنهار قبلها، وصلاتين بالليل بعدها، فهي الواسطة.

والقياس: أن تكون هي المغرب؛ لأن الظهر سميت أولى، والعصر تكون الثانية، فالمغرب هي الواسطة. لكن لم يقولوا به.

وفيه دلالة أن الصلاة وتر؛ لأن الشفع مما لا وسطى له.

ثم جهة الخصوصية - أيها كانت؟ فإن كانت عصرًا: فهو ما ذكر أن الكفرة حملوا على أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في صلاة العصر، فلم يتهيأ لهم إقامتها، فقالوا: احفظوا عليهم صلاة هي أكرم عليهم من أنفسهم وأموالهم. فظهر بهذا أن لها فضلاً وخصوصية من عند اللَّه ورسوله. وما روي في الخبر أيضا من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " من فاتته العصر وتر أهله وماله ".

فإن كانت فجرًا؛ فلأن الكتاب ذكرها بقوله: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، ولما قيل: إن ملائكة الليل والنهار يشهدونها، فظهرت لها الخصوصية والفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>