للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قال: إنها ظهر، ذهب إلى خصوصيتها وفضيلتها ما جاء عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يصلي قبل الظهر أربعا إذا زالت الشمس، وقال: إن أبواب السماء تفتح في ذلك الوقت.

قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى - في قوله: (وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى): تكلم فيه بوجهين: أحدهما؛ أن الصلاة هي الوسطى، من أمر الدِّين فهي على أن الأرفع من أمر الدِّين هو التوحيد والإيمان وذلك هو الذي لا يرتفع بعذر، ولا يسقط بسقوط المحنة، إذ ذلك في الدارين جميعًا وهو الإخلاص، ونفى جميع معاني الخلق به عمن يوحده ويؤمن به وسائر العبادات قد يقدم مع وجود أمور الدنيا والدِّين والمعاش معها وفي حالها بالذي به قوامها، والتوحيد لا، ثم الصلاة مما بها ترك جميع ما ذكرت في حال فعلها فيما به فعلها، فهي تشبه الإيمان من هذا الوجه، ثم تسقط هي للأعذار، ولا تجب في غير دار المحنة على ما عليه أمر غيرها من العبادات؛ فصارت بذلك الوسطى من أمر الدِّين. والله الموفق.

والثاني: أن تكون هي صلاة من جملتها، فتذكر بحرف التخصيص لها من الجملة، لوجهين:

أحدهما: لبيان جملة الفرائض أنها وتر، لا الشفع؛ إذ لا وسطى للشفع، فيكون في ذلك بطلان قول قوم أنكروا العدد لها، وقوم زعموا أنها صلاتان في الجملة. واللَّه أعلم.

والثاني: أن يراد بذلك التفضيل للصلاة من الصلوات في الحث على فعلها والترغيب في محافظتها، ويجيء أن تكون تلك معروفة عند الذين خوطبوا، إما بالاسم أو بحال من النوازل؛ لأنه لا يحتمل أن يرغب في فعل لا يعلم حقيقة ذلك. واللَّه أعلم.

ثم يكون لاختلاف من لم يشهد النوازل التي عرفت المراد، فقال كل مبلغ جهده فيما أدى إليه رأيه من الترغيب في الفعل أنه على ذلك، لكنهم اختلفوا:

فمنهم من اعتبر بالركعات، فقال: أكثرها أربع، وأقلها ركعئان، والوسطى منها ثلاث، فصرف التأويل إلى المغرب. واستدل في الترغيب بما جاء " إن اللَّه وتر يحب الوتر " وبما جاء من الترغيب، في تعجيلها والمبادرة في فعلها، حتى لم يؤذن بالاشتغال عنها عند

<<  <  ج: ص:  >  >>