وقال آخرون: إن قومًا من الأنصار كانت ترضع لهم اليهود، فلما جاء الإسلام أسلم الأنصار، وبقي من عند اليهود من ولد الأنصار على دينهم، فأرادوا أن يكرهوهم، فنزلت الآية (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: ويحتمل (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ما قال في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
يعني قد تبين الإسلام من الكفر باللَّه فلا تكرهون على ذلك.
وقوله تعالى:(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ).
اختلف فيه:
قيل:(بِالطَّاغُوتِ)، الشياطين.
وقيل: كل ما يعبد من دون اللَّه فهو طاغوت من الأصنام والأوثان التي تعبد من دون اللَّه "
وقيل:(بِالطَّاغُوتِ)، الكهنة الذين يدعون الناس إلى عبادة غير اللَّه بكفر هَؤُلَاءِ وتكذيبهم.
قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: ومن جملته: ومن يكفر بالذي يدعو إلى عبادة غير اللَّه، ويكذبه في ذلك، ويؤمن بالذي يدعو إلى عبادة اللَّه، ويصدقه، أنه داع إلى حق. وقوله تعالى:(وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ).
فيه دلالة: أن الإيمان باللَّه هو إيمان بالأنبياء والرسل والكتب جميعًا، إذ لم يذكر معه غيره، والكفر بالذي ذكرت يمنع حقيقة الإيمان باللَّه؛ لأنه في آخر السورة ذكر (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)، على طريق التفضيل -، من آمن باللَّه آمن به وبأمره ونهيه وشرائعه - لكن الذي قال: (لَا نُفَرِّقُ