قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد الفقيه: الحمدُ لله الذي بسَط نعمتَه، وأقام حُجَّتَه، وأظْهر حكمَته، وتمَّم إعْذارَه ونَذَارَته بمحمدٍ نبيِّه عليه السلام، فأَوْضَحَ به الدليلَ، وأنْهَج به السبيلَ، وأكْمَلَ به دِينَه، وأَوْضَح به شريعتَه، فبلَّغ إلى الناس ما أُرْسِلَ به إليهم، وبيَّن ما افْتَرَضَ اللهُ عليهم، وسَنَّ لهم وعَلَّمَهم، وأدَّبهم وأرْشَدَهم، ثم مضَى صلى الله عليه وسلم حَمِيدًا فَقِيدًا، فأبْقَى كتابَ اللهِ لأُمَّتِه نُورًا مُبِينًا، وسُنَّته حِصْنًا حَصِينًا، وأصْحابَه حَبْلاً مَتِينًا، وجعل اللهُ سبحانه سَبِيلَهم الأَقْوَمَ، ومِنْهَاجَهم الأَسْلَمَ، وطَرِيقَتَهم الْمُثْلَى، واسْتِنْبَاطَهم الأَوْلَى، وتَوَاعَدَ مَن اتَّبَعَ غيرَ سَبِيلِهم أنْ {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}(النساء: ١١٥)، ووَسَّع لهم ولِمَن اتَّبَعَهم بإحْسان، في الاسْتِدْلالِ ممَّا أُجْمِلَ لهم مِن جَوَامِعِ الْكَلِم في كتابِه، وعلى لسانِ نبيِّه، وأَذِنَ لهم في الاجتهادِ في أحكامِهم، والحوادثِ