وإن ابتاع ثوبين، على أنه فيهما بالخيار، فاختار أحدهما بغير محضر البائع، وأشهد على ذلك، ثم ادعى هلاك الباقي، فابن القاسم لا يضمنه، ومن سواه من أصحاب مالك يضمنه، وهو الصواب. هكذا في كتاب ابن حبيب، وإن كان يعني أنه إنما يختار أحدهما، فهو قول ابن القاسم، وإن كان يريد هو فيهما بالخيار، يأخذهما أو يردهما، فليس بقول ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: ومن دفع إلى رجل دنانير ثمن سلعة ابتاعها منه، فقال له: زنها، أو قال: خذها حتى تزنها، فإن كانت وفاء، فهي لك، وما زاد فاردده، وما بقي أوفيتكه، فهلكت، فهي من قابضها إذا قبضها على وجه القضاء أو الرهن، ولو كان بمعنى الوديعة، كانت من الدافع.
قال أصبغ: هذا قبضها على القضاء لا شك فيه، ولو لم يكن على القضاء، لكانت رهنًا؛ لأنه سبب ما دفع عليه، وقد قلت لابن القاسم: ولو كان حلف ليوفينه، فدفع إليه ثلاثة، وقال له: زنها، فما وجدت من قائم فخذه، فإن ضاعت قبل يعرف أن بها قائمًا، فهي من الدافع.
فيمن أخذ ثوبًا بالخيار من رجل وثوبًا من آخر
ثم لم يدر ثوب كل واحد
من كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع ابن القاسم، قال مالك: ومن ابتاع ثوبًا بالخيار من رجل، ومن رجل آخر ثوبًا غيره بالخيار، ثم لم يتبين ثوب هذا من ثوب هذا، وادعى كل واحد أجودهما، فإنه يلزمه الثمنين جميعًا، إلا أن يزعم أنه يعرف ثوب كل واحد، فيصدق ويحلف، أو تعرفه بينة غيره، فلا يحلف.