ومن كتاب ابن عبد الحكم: وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين بحق لرجل، فحكم به الحاكم، ثم أتى الشاهدان الأولان إلى الحاكم فقالا: قد كنا أشهدنا هما على شهادتنا، وقد رجعنا عن الشهادة، فعليهما غرم الحق للمقضي عليه ليس كما قال أصحاب أبى حنيفة: إنهما لا يغرمان بالرجوع شيئا، قال محمد: ألا ترى أنهما اللذان حكم القاضي بشهادتهما، وأنهما المزوران لا الناقلون عنهما. قال محمد: ولو لم يرجعا ولكن قالا: لم يشهدوا ولا أشهدناهما على شهادتنا، فإنهما يغرمان أيضا، وهو رجوع منهما، وإن قالا: ما أشهدناهما وقال الناقلون/: صدقا، ما أشهدانا، فالمقضي عليه مخير إن شاء اتبع المنقول عنهما، وإن شاء اتبع الناقلين، فإن أغرم الناقلين لم يرجعا بذلك على أحد، وإن رجع على المنقول عنهما رجع بذلك على الناقلين عنهما.
قال ابن الماجشون في كتابه إذا رجع المنقول عنهما ولم يرجع الناقلان فلا ضمان على المنقول عنهما، فأما إن رجع الناقلان وثبت المنقول عنهما، فإن كان المنقول عنهما عدلين يوم رجع الناقلان، فإن ذلك ماض لايرد، لأنهما كما لو رجعا عن شهادتهما في حق شهدا فيه على علمهما، ثم رجع فقام شاهدان فشهدا بمثل ما شهدا به، فحكم بشهادتهما، فذلك يرفع الغرم عن الراجعين أولا، فإن كانا غير عدلين عند رجوع الناقلين، ضمن الناقلان الحق.
[في الرجوع عن الشهادة في الرهان]
ومن كتاب ابن سحنون: ومن عليه لرجل دين مائة دينار من قرض أو بيع، فأقام الطالب شاهدين أنه رهنه عبده هذا، أو عروضا، فغاب عليها فقضي بذلك، وحاز ذلك المرتهن، ثم رجعا وأقر بالزور، فعليهما غرم قيمة العبد، أو العرض الذي أخرجاه من يد ربه، ومنعاه من مرافقة فيه، فكأنهما رهناه عنه، فإن مات العبد فهو منهما، وإن بيع في الدين فكان كفاف الدين أو أقل أو أكثر، [٨/ ٤٧٦]