من كتاب ابن المواز من غير رواية ابن أبي مطرف: وإذا شهد رجلان لرجل بمائة دينار دينا على رجل عند القاضي، بالدين للمطلوب على الطالب فأغرمه، فأخبر الشاهدين فأتيا إلى القاضي فقالا: إنما شهدنا بالمائة لهذا على الآخر، فقال القاضي: لا، بل شهدتما للآخر على هذا، وكيف إن كتبهما في ديوانه بخطه أو بخط كاتبه على ما قال؟ قال: إن كانا عدلين فشهادتهما جائزة، فإن رجع القاضي عن قوله وقال: أوهمت، أو أنا أشك في ذلك، رجع فأخذ المائة ممن هي في يديه فردها إلى الآخر وأرجعه أيضا بمائة أخرى على صاحبيه، وإن ثبت القاضي على قوله وقال: أنا لا أشك أنكما إنما شهدتما لمن قضيت / له، قيل له: فإن كنت توقن بها فليس لك أن ترجع بها عليه واغرمها أنت، لأن الشهود شهدوا بخلاف قولك وهما عدلان، فيلزمك غرم مائتين: مائة أخطأت فيها، والمائة الدين التي كانت الشهادة بها، وذلك يلزمه، وإن كانت شهادتهما في ديوانه، إلا أن يكون حضر القاضي قوم عدول فشهدوا شهدا به جلساء القاضي إذا كانا عدلين فأكثر، وإن كان الأولان أعدل، لأنهما شهدا بجرحتهما، ولا تجوز شهادة القاضي في ذلك لأنه خصم.
قال ابن المواز: وهذا مذهب مالك وأصحابه لأنهم يقولون: إذا قال القاضي: ثبت عندي شاهدان بحق على فلان فلا يقبل منه حتى يشهدا عليه بين يديه ويعرفه إياهما. [٨/ ٤٥٣]