من كتاب ابن المواز: وإذا ادعى المقضي عليه أن الشاهدين عليه رجعا عن شهادتهما، أمكنته من إيقاع البينة عليهما.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا ادعى المقضي عليه أنهما رجعا وقالا: شهدنا بزور، وطلب يمينهما. قال: إن أتى بلطخ يوجب عليهما اليمين حلفا، فإن حلفا برئا، وإن نكلا ردت اليمين على المدعي، فإن حلف أغرمهما ما اتلفا عليه بشهادتهما، فإن نكل فلا شيء عليهما.
ولو شهد عليهما شاهدان بأنهما أقرا بعد الحكم أنهما شهدا بزور، فقبلهما الحاكم ورضيهما، فليغرم الراجعان ما شهدا به، وكذلك كل ما شهدا عليه من قصاص في النفس أو سرقة أو رجم، ثم ثبت عليهم الرجوع بعد الحكم، فإنهما يؤخذان بما أتلفا بالدية في الرجم مع حد القذف، وبالدية في النفس وأرش الجراح، ولا ينظر إلى جحودهما بعد الإقرار، وقال محمد بن عبد الحكم: إذا ادعى عليهما أنهما رجعا عن الشهادة فلا يمين له عليهما إذا أنكرا، وإن أقام شاهدين برجوعهما قضي عليهما بالمال، وكذلك في قيام البينة برجوع أحدهما يغرم النصف، وزعم أبو حنيفة وغيره من أصحابه أنه لا تقبل عليهما شهادة من شهد برجوعهما، قال محمد: وهذا خروج من المعقول، لأن من قولهم: لو أقرا بالرجوع لزمهما الغرم، / فما الذي فرق بين إقرارهما عند الحاكم بالرجوع وبين قيام البينة عليهما بالرجوع؟ قال: وقالوا: لو كتبا على أنفسهما بذلك كتابا برجوعهما، وأنهما قد ضمنا للمشهود عليه المال برجوعهما لم يجز ذلك عليهما، فإن سميا المال في الكتاب وذكرا رجوعهما فيه عن الشهادة ولم يغرما شيئا. وهذا حكايته تنوب عن نقضه. [٨/ ٤٤١]