من كتا ابن سحنون: وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته، ثم رجعا، فقال بعض أصحابنا: لا شيء عليه/ دخل بالمرأة أو لم يدخل، لأنهما لم يتلفا عليه مالا إلا ما كان لازما له بغيرهما، وإنما أتلفا عليه المرأة ومتعته بها، ولا ثمن لذلك، فإن كان قد بنى بها فقد لزمه الصداق قبل شهادتهما. [وإن لم يدخل بها فقد لزمه نصفه قبل شهادتهما] فإن قيل: فقد أتلفا عليه الاستمتاع بها، قيل: فكذلك فعلا في المدخول بها وهما لا يغرمان فيها شيئا عند من يرى الغرم في التي لم يبن بها، وقال بعض أصحابنا: إذا لم يدخل بها غرما له نصف الصداق، والرواة على خلافه، ولم يرد عليهما في المدخول بها شيئا.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: وإن شهد شاهدا أنه طلقها واحدة، وشهد آخران أنه طلقها ثلاثا، والزوج لم يبن بها، ثم رجع الأربعة، فعلى شاهدي الواحدة غرم ربع الصداق للزوج، وعلى شاهدي الثلاث ربعه؛ لأن كل شهادة منهما لو انفردت ألزمته نصف الصداق. وقال أصحاب أبي حنيفة: الغرم كله على شاهدي الثلاث، قالوا: لأنها حرمت عليه إلا بعد زوج بشهادتهما، ولا حجة لهم بذلك؛ لأن الشاهدين بالواحدة عندهم لو انفردا لزمهما نصف الصداق، فلا يزول ما لزمها من هذا، بأن غيرهما حرمها قبل زوج.
وأما أشهب، فلا يوجب على شاهدي الطلاق قبل البناء شيئاً لازما، وقال: لأن نصف الصداق قد وجب لها بكل حال، / وإنما أتلفا عليه المرأة، وقد بقوا لها الدخول الذي يجب به جميع المهر، وإن شهدا أنه طلق امرأته في شهر [٨/ ٤٩٤]