ثم رجعا عن الشهادة بعد الحكم، فعليهما غرم ما أقر أنهما أتلفاه، فعليهما في العتق مثله، وكذلك في كل ما يكال أو يوزن من طعام أو عروض، وأما العروض التي فيها القيمة والحيوان فقد اختلف فيه أصحابنا، فقيل: فيه القيمة، وقاله ابن الماجشون في كتابه، قال سحنون: وقيل: بل عليهما مثل العروض، لأنهما حين أتلفا ذلك دخل مدخل من كان ذلك عليه، وكان ذلك عليهما.
[في الرجوع عن الشهادة في الهبات والوصايا]
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا شهد الشاهدان على الميت أنه وهب لرجل دارا، أو عروضان أو حيوانا، أو شيئا يكال أو يوزن من طعام أو عرض، أو تصدق به عليه، أو نحله إياه، أو شيئا من العين، والمشهود عليه منكر، فحكم عليه، وقبض ذلك المدعي، ثم رجعا فعليهما ضمان ما أخرجا من يديه وأتلفاه مع الأب، ويضمنان القيمة فيما / لا يكال ولا يوزن، قيمته يوم قبض ذلك منه على هيئته من سلامة أو نقص في الموضع الذي قبض فيه، والقول قولهما في القيمة مع إيمانهما إن عميت القيمة، إلا أن تقوم بينة بغير ذلك، وعليهما المثل فيما يكال ويوزن في موضع قبض ذلك منه إلا في العين، فإنه يأخذه به في كل موضع، وإن شهدا في الهبة للثواب وهو مما فيه ثواب، فأثيب به أقل أو أكثر من قيمته ما شهدا به عليه، فلا ضمان عليهما، لأن الموهوب له لزمه للواهب القيمة بالقضاء، فيرد الهبة إلا أن تفوت، ففيها القيمة، فإما زاده متطوعا وأعطاه أقل فرضي بذلك الآخر وذلك لا يلزمهما.
ومن ادعى أن هذا الميت أوصى له بالثلث، وأقام بذلك شاهدين، فقضي له بذلك وقبضه، ثم رجعا فإنهما يضمنان ذلك الثلث للورثة، وإن رجع أحدهما ضمن نصفه، ولو كانت الشهادة أنه أوصى له بجارية تحمل ثلثه، فقضي له بها، وقبضها ووطئها وأولدها، ثم رجعا، فعليهما قيمتها يوم الحكم له بها، ولا شيء عليهما في الولد. [٨/ ٤٧٣]