فقال: كيف ألقى الله وفى يديك ويد أصحابك مظالم أقدر على ردها؟ فقال بعضهم: إنا لا نعيب آباءنا ولا نضع شرفنا. فقال عمر: وأى عيب أعيب مما عابه القرآن؟ وتلا:(ومن لم يحكم بما أنزل الله).
قال أبو الزناد: وكتب فى رد المظالم، فكتب إلى العراق إلى عبد الحميد بن عبد الرحمان بن زيد بن الخطاب برد المظالم فإنفذ ما فى بيت مال العراق حتى حمل عمر إليهم المال من الشام، وكان عمر يرد المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة ويكتفى بأيسر ذلك. فإذا عرف وجهاً من مظلمة الرجل ردها عليه ولم يكلفه تحقيق ذلك لما كان يعرف من غشم الولاة.
فى الأخذ من الأمراء بعد ما أحدثوا من الجور
روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: خذوا العطاء ما كان عطاءً، فإذا كان رشوة عن دينكم، فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه، يمنعكم الفقر والحاجة. وفى حديث آخر ذكر ما يكون من ظلم الأمراء وقال: فأدنى الحق عليكم إلا تأخذوا منهم العطاء ولاتحضروهم فى الملاء.
قال ابن حبيب: ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أخذ العطاء منهم وإن كان مجباهم غير خبيث، لاستعانتهم بأهل الديوان على معصية الله وتعديتهم أهل الديوان إلى المسلمين. قال ابن حبيب: فإذا كانوا هكذا لم يجز لأحد أن يكتب فى ديوأنهم لأخذ أعطياتهم وإن كان مجباهم صحيحاً، خيفةً مما خوف منه الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: لن يدع الديوان صاحبه حتى يقوده إلى النار كما تقاد الراحلة بزمأمها.