وهذا في ارض الأعراب حيث المراعي، فإذا كانت البئر لا تملك وله النفع به فليس بإحياء، وأما من حفر بئرا بفلاة من العمران، ثم جاء آخرون فنزلوا قربه، فإنهم يمنعون مما يضر به.
فيمن أحيى أرضا مواتا ثم استحقت، أو أحياها ثم عطلها فدثرت، فأحياها غيره، ومن أقطع أرضا فتركها حتى عمرها غيره بإقطاع أو غيره
من كتاب ابن حبيب وغيره: ذكر حديث حميد بن قيس فيمن أحيى أرضا مواتا لا يظنها لأحد، ثم أتى من يستحقها بالبينة، فقضي عمر أن لرب الأرض إن شاء أعطى الذي عمر قيمة ما أحدث فيها، وإلا أعطاه الآخر قيمة أرضه. ومن رواية مطرف أن الصديق قطع لرجل أرضا فأحيى فيها وعمر وغرس، ثم جاء آخر بقطيعة من النبي صلى الله عليه وسلم ثم اختصما إلى عمر فقضى للأول أن يعطيه فيه ما عمر وأحيى ويخرجه، فقال: لا أجد، فقال للآخر: أعطه قيمة أرضه بيضاء، فقال: لا أجد فقضى أن يكون ذلك بينهما، هذا بقيمة الأرض، وهذا بقيمة العمارة، وبهذا الحديث أخذ ابن القاسم.
قال مطرف وابن القاسم: إن قول مالك والمغيرة وابن دينار وغيرهم من علمائنا أن ليس للذي عمر أن يعطي لرب الأرض قيمة أرضه إذا أبى رب الأرض أن يعطيه قيمة عمارته، ولكن إذا أبى رب الأرض أن يعطيه قيمة العمران كانت الأرض بينهما، هذا بقيمة/أرضه براحا وهذا بقيمة عمارته قائمة، وتفسير ذلك أن تقوم الأرض اليوم براحا، ثم تقوم الأرض بعمارتها، فما زادت قيمتها بالعمارة كان العامل به شريكا لرب الأرض، وهذا مستوعب في كتاب الاستحقاق.