ومن المجموعة: قال ابن القاسم: بلغني عن مالك فيمن أحيى أرضا بالعمارة فتركها حتى عفت آثارها وهلكت أشجارها، وطال زمانها ثم أحياها بعد ذلك غيره، إن الثاني أحق بها إذا أحياها. قال ابن القاسم: وهذا فيمن أحيى في الموات فيما ليس بأصل ملك له بخطة أو شراء، فأما ما كان له فيه أصل ملك: فهذا ليس لأحد إحياؤه، وهو الذي جاء فيه حديث حميد بن قيس.
قال سحنون: من عمر أرضا مواتا فقد ملكها لا تخرج من يده بتعطيله إياها. وإن عمرها غيره فالأول أحق بها. قال ابن عبدوس: قلت له: ولا يشبه الصيد الذي صاده رجل ثم نذ واستوحش فصاده آخر؟ قال: لا.
ومن العتبية: قال أشهب عن مالك: وسأله رجل فقال: إن عاملنا أقطعني أرضا أربع مائة ذراعا من حد كذا إلى كذا، فغيب عنها فوثب عليها رجل يعمرها وبنى فيها، فقدمت فقمت في ذلك، فقال: لا أراك حزت ما أقطعك بعمارة ولا نماء حتى عمرها غيرك، فأمرك ضعيف. قال: كنت غائبا. قال: كم غبت؟ قال: ثلاثة أشهر، قال: فما أعلمه أحد بقطاعك؟ قال: ما أدري، قال: فلعمارته مؤنة؟ قال: نعم بنى فيها حوانيت. قال: من أقطعك؟ قال: والينا. قال: فمن أذن له أن يقطعك، أمرك ضعيف، فارفع ذلك إلى/السلطان.
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: ومن أحيى مواتا بما يحيى به مثله ثم تركه حتى عفت آثاره، ويبست أشجاره، وغاضت مياهه، وعاد مواتا كما كان، وأحياه غيره، فإن كان بحدثان ترك الأول إياه وبحوالة عمارته، فهو للأول، ثم ينظر للثاني، فإن عمر عن جهل بالأول فهي شبهة، وله قيمة عمارته قائمة، فإن كان عن علم بالأول، فإنما له قيمة نقضه، قالا: وإن عمرها عن طول ترك الأول لها، وكان تركه كالإسلام لها وترك إعادتها فهي للآخر، غير أنه ينبغي للإمام أن ينهي أن يفعل مثل هذا دونه لأنه ذريعة إلى إدخال الشبهة في عمرانهم وقطائعهم، قالوا: وسواء أحياها الأول بإذن الإمام أو بغير إذنه. قال: وإن ادعى الأول تركه لها لم يكن إسلاما لها، وأنه كان على إحيائها، فلينظر، فإن كان بعد العهد وطال