قال ابن سحنونٍ، عن أبيه، عن ابن نافعٍ، عن قيسِ بنِ سلمانَ، عن ابنِ شهابٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُجْلِسُ عبدَ الرحمن بن عوفٍ في كلِّ مُحَرَّمٍ، فيقولُ لهم عبدُ الرحمن: مَن كان عليه دَينٌ فليُؤَدِّهِ، ومن أراد أَنْ يستحدثَ نفقةً، فليستحدثها حتى تؤدُّوا مما بقي من أموالكم الزكاة.
قال مالكٌ: ومَن اُخذتْ منه زكاة زرعهِ قبلَ حصادهِ، وهو قائمٌ في سنبلِهِ فهو يُجْزِئُهُ، ولا أُحبُّ أنْ يتطوَّعَ بها من قبلِ نفسهِ. وقال في مَن أُخذت منه زكاة مالٍ: لم يجب عليه فيه زكاةٌ، فليس له أَنْ يَحْسِبَ بذلك من زكاة مال آخرَ يلزمه زكاته.
ومن "كتاب" ابن الْمَوَّاز، قال ابن القاسم، عن مالكٍ: لا يجوزُ أنْ يُعَجِّلَ الرجلُ إخراجَ زكاةِ مالهِ، وحرثهِ، وماشيته إلاَّ بقربِ الحولِ، أو قبله باليسيِر، وأحبُّ إليَّ حتَّى يَحِلَّ. وقاله أشهبُ. قال محمدٌ: لا يُجْزِئُهُ إلا ما كان قبل الحولِ بيومٍ أو يومين، والفضلُ ألا يفعلَ، فأمَّا إن بَعُدَ فلا يُجْزِئُهُ.
ومن "العُتْبِيَّة" قال أشهبُ ومَن أخرج زكاته قبل محلها أَعَادَ. قال عيسى: قال ابن القاسم: لا أُحبُّ له أَنْ يفعلَ إلا بالأمر القريبِ، وأرى الشهرَ قريباً على ترجيفٍ وكُرْهٍ. قال ابن حبيبٍ: قال (مَن لقيتُ) مِن أصحاب مالك: إنه لا يُجْزِئُهُ إلا فيما قَرُبَ، مثلَ خمسةِ ايامٍ وعشرةٍ قبلَ الحولِ. وقال أشهبُ: لا يُجْزِئُهُ. وبالأول أقول.