من كتاب ابن سَحْنُون، قال بعض أصحابنا: إذا تخلَّفَ الإمام عن الناس يوم الجمعة، ولم يجدوا من يجمِّع بهم، صَلُّوا الظهر أفذاذًا، إذا خافوا فوات الوقت، والوقت فيه ما لم تصفَرَّ الشمس. فأنكر هذا سَحْنُون، وقال: لا يُصَلّون حَتَّى لا يبقى من الوقت إلاَّ ما يصلون فيه بعض العصر بعد الغروب، وربما تبيَّنَ لي وبمقدار أن يُصَلّوا ويبقى أربع ركعات للعصر! يريد سَحْنُون: وهم على رجاء من إقامتها. فأما إن أيقنوا أنه لا يأتي، أو لا تقام، فلا يُؤَخِّرُوا الظهر.
قال سَحْنُون: وإذا هرب الناس عن الإمام هربًا أيس منهم فيه، صَلَّى الظهر مكانه، ولو كان قد أحْرَمَ، أو عقد ركعة، بنى على إحرامه ظُهْرًا، ولو لم ييأس منهم، جعل ما أحْرَمَ فيه نافلة رَكْعَتَيْنِ، وسلَّم، وانتظرهم حَتَّى لا يبقى من النهار إلاَّ ما يُصَلَّى فيه الجمعة – يريد ك ويخطب – وتبقى ركعة للعصر. وقال سَحْنُون، في المجموعة: إن بَقِيَ معه من عدد الرجال دون النساء والعبيد والمسافرين ما يصلح أن يبدأ بمثل عددهم الجمعة تَمَادَى. وإلاَّ جعلها نافلة؛ كان قد صَلَّى ركعة أو رَكْعَتَيْنِ وهو فِي التَّشَهُّدِ، فإنها تبطل أن تكون جمعة، ويُسَلِّم بهم، وينظرهم إلى مقدار أن يُدرك الجمعة – يعني بعد الخطبة – ويبقى للعصر ركعة قبل الغروب. ومن كتاب آخر، رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا بَقِيَ معه بضعة عشر رجلاً، حين خرجوا عنه، وهو يخطب، إلى العير التي أقبلت، فنزلت:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}(الجمعة: ١١).