وعاب قول ابن القاسم وقال: لو أخذها كلها بالخيار بغير إيجاب لضمنها عنده، فلما أخذها على واحد، ألزمه بخياره، لم تلزمه جميعًا، ولزمه عنده واحد، ولو لم يضع إلا واحد كان شريكًا في كل واحد بجزء عددها، وهذا غلط، وهو فيها كلها مخير، كما كان في المسألة التي ضمنه فيها.
قال: وسواء أخذها على أن يختار واحدًا قد لزمه، أو على أن يأخذ منها واحدًا هو منه بالخيار أن يأخذه، أو يرد جميعًا، إلا في وجه واحد، أنه إذا أخذها على أن واحدًا لزمه بخيار، فضاع واحد، فإن قال: اخترته، ثم ضاع، لزمه الثمن ورد ما بقي، وإن قال: ضاع قبل يختاره لزمه بالثمن المسمى لغيبته عليه، وقيل له: اختر واحدًا مما بقي إن شئت بثمنه، لا بد لك من ذلك، ولا يكون شريكًا في شيء منها، وإن لم يأخذوا واحدًا منها بخياره على إلزام، ضمن الذاهب، ورد ما بقي إن شاء، وله أن يأخذ منها واحدًا أو يردها.
وقاسها ابن القاسم بمسألة مالك فيمن له قبل رجل دينار فقبض منه ثلاثة يزنها، فيأخذ واحدًا، فضاعت، أنه لا يضمن إلا واحدًا، ولا تشبهها، وهذه فيها أمانة بينة، وفي البيع كلها على الضمان؛ لأنه مخير في كل واحد منها، وبقي في مسألة مالك تمامها، أنه إنما يضمن واحدًا، إذا لم يشك أن فيها وازنًا، فأما إن جهل ذلك، وقال: ضاعت قبل الوزن فلا يضمن شيئًا منها، ولا يكون متقاضيًا لشيء ضمنه، وهو مصدق، ويحلف أنه ما علم أن فيها وازنًا، ولا وزنها حتى ضاعت، إلا أن تكثر الدنانير حتى يعلم أن مثلها لا يحطى أن يكون فيها وازنًا، فيضمن حينئذ واحدًا على ما ذكرنا، وهكذا قال لي من كاشفت من أصحاب مالك في ذلك كله، إلا في وجه واحد، إذا كانت الثياب مختلفة الأثمان، فإن مالكًا يكره أن يأخذ واحدًا على إلزام، وأجازه عبد العزيز، وذلك أبين، إن شاء الله.