قال ابن القاسمِ: وأحب إلي أن لا يقتل الغراب، والحِدأةَ، حتى يؤذياه، فإن قتلها قبل يؤذيانه، فلا شيء عليه. قال اصبغُ: يريد في كبارها، لأنها من الخمس الفواسقِ، وأما صغارها التي لا حِراكَ لها، فيديها إن قتلها، ويقتل بقية الخمسِ، وإن لم تؤذِ. قال اصبغُ: لأن صغارهن عدوٌّ يضرُّ. ويعقرُ. وقال البرقيُّ، عن أشهبَ: يقتل صغار السباع وصغار الحية والعقرب والفارةِ، عَدَتْ أو لم تَعُدْ.
وقال أشهبُ، في "كتبه": إن قتلَ غراباً أو حِدأةً أو صغارَ السباعِ ممن غير أذًى، وداهم. ويقتل الكلبَ، وإن لم يعقرْ، وإن كان كلبَ ماشيةٍ، ولا يقتل سباع الطير عندَ مالكٍ. قلتُ: فما عدى عليه من الطيرِ؟ قال: لا شيء عليه فيه، إذا آذاه.
قال أشهبُ: إذا عدى عليه شيءٌ من الطير فقتله، فعليه جزاؤه. قال: ولا بأس أن يلقيَ عن نفسه الذرةَ والبرغوث والقراد والنملةَ، وإن قتل شيئاً من ذلك، فعليه شيءٌ من طعامٍ، في قليلٍ ذلك وكثيره.
قال مالكٌ: ويُلقي عن نفسه البراغيث والذبابَ والذرةَ، والحصان، وهي ذبابٌ صغارٌ، وإن لذعته دَرَّةٌ فقتلها ولا يشعر، فليطعم شيئاً، وكذلك النملة، وكذلك ما وطئ عليه من ذك ببعيره.
قال: ولا بأس أن يقتل البراغيث، وأما القمل، فلا. وقال أيضا في البراغيث، والباعوضِ: عن أَطْعَمْ لذلك شيئاً، فهو أحب غلي.
قال محمدٌ: وليس عليه في كثرةِ القملِ وقليله إلا قبضةٌ من طعامٍ.