قال: ومن أخذ حجة على البلاغِ، فله أن ينفق ما لا بدَّ له منه مما يصلحه، من الكعك، والزيت، والخل، واللحم، مرة بعد مرةٍ، وشبه ذلك، والوطاء، واللحاف، والثيابِ، فإذا رجع، ردَّ ما فضل من ذلك كله، وردَّ الثيابَ، وغنا لنكره ذلك. وهذه والإجارة في الكراهةِ سواءٌ. وأحب إلينا أن يؤخر بشيءٍ مسمًّى، لأنه إذا مات قبلَ أن يبلغَ، كان ضامناً لذلك. –يريد: محمدٌ: ضامناً للمالِ، ويُحاسب بما شار، ويؤخذ من تركته ما بقي وكان هذا أحوط من البلاغ، وليس عليه أن يؤجر من ماله غيرَه، لأنه شرط عليه أن يحج بنفسه، فانفسخ ذلك بموته، إلا أن تكون الحجة إنما جُعلت في ذمته.
قال ابن القاسم: وإذا سقطت له النفقة أو سرقت، وقد أخذ المالَ على البلاغِ، فليس على الورثة شيءٌ، وإن كان في الثلث فضلٌ. قال أشهب: عليهم أن يحجوه هو أو غيره، من بقية ثلثهِ، مثل الرقبة يوصَى بشرائها للعتقِ، فيشتريها، فتهلك قبل العتق، فليعتق من بقية الثلث أخرى، لأنه لم يسم في ذلك شيئاً، ولو سمَّى لم يكن عليهم غيرُه.
قال ابن حبيبٍ: إذا سقطت نفقة الذي اخذ المالَ على البلاغ قبلَ أن يحرم، فليرجع من موضع سقطت، ولا نفقة له في رجوعه، وأما لو كان احرم لتمادى، وله النفقة في مال الميت، ذاهباً وراجعاً، فإن لم يكن له مال، فعلى من دفع المال إلى هذا ليحج به.