وقال الله سبحانه:" قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " , يقول: من حولكم , فينبغي لكل قوم أن يرابطوا ناحيتهم ويمسكوا سواحلهم , إلا أن يكون مكاناً مخوفاً يخاف فيه على العامة. قال ابن وهب: قال ابن زيد: فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه , نزلت:" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله " , إلى آخرها. وقال مالك: وليس من سكن بأهله في مثل الفسطاط والإسكندرية وطرابلس من أهل سواحل البحر مرابطين , وإنما المرابط من خرج من منزله فرابط في نحور العدو وعلى سواحل حيث الخوف.
ومن كتاب ابن حبيب: سئل مالك عن سكان الثغور على السواحل , يريد: بالأهل والولد , قال: ليسوا بمرابطين , وإنما الرباط لمن خرج من منزله معتقداً للرباط في موضع الخوف.
ومن العتبية: من سماع ابن القاسم , قيل لمالك: الحج والقفل أحب إليك أم الحج والمقام للجوار؟ قال: ما كان الناس إلا على الحج والقفل. قيل: فالجهاد مثله , فإنه قد قيل ذلك؟ قال: لا , قد أقام غير واحد من الصحابة بالشام حين فتحت وهي بحال الحرب , منهم: معاذ وأبو هريرة وبلال وأبو أيوب. قال أشهب , قيل لمالك: أعلينا بأس في إقامتنا عندكم وتركنا أهليا بالإسكندرية , وما أدركنا قط عدواً نزل بها وإنهم ليخافون؟ قال: قد قلتم: إن الموضع مخوف ضائع وأهلها قليل ومحارسها خالية , فلخوفكم بأهليكم أحب إلي وتكونون من وراء المسلمين.
قيل: فنأثم في مقامنا ها هنا؟ قال: لا أدري ما الاثم وأنعم أعلم بموضع خوفكم , وكونكم معهم أحب إلي. قيل: فالمقام بأرض العدو أم الذهاب