فرقة منهم طائفة " وقوله: " انفروا خفافاً وثقالاً " كان في أول الإسلام , فلما كثر المسلمون قال: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة ". قال: والثقيل: من له ضيعة , والخفيف: من لا ضيعة له.
قال سحنون: والنفير فرض يحمله بعض الناس عن بعض. وقال عن الوليد عن بشير بن عبد الله قال: كان الوالي في أيام عمر وعثمان إذا قام في الناس بنفير البعث , فالمتعجل الرائح من عشيته , والغادي من غداة غدة , والرائح من عشية غد مقصر , والغادي من غداة بعد الغد معتذر. قال: وإذا وقع النفير , ورجل معتكف , فإن حل بموضعه ما لا قوة لمن حضر على دفعة خرج ثم بنى.
قال أبو محمد: وقد قيل يبتدىء , وإن كان فيهم قوة على دفعهم فلا يخرج. ولا ينفر العبد والمكائب ومن فيه بقية رق بغير إذن السيد , إلا من في ثغر فغشيهم ما لا قوة لمن حضر به فلينفر بغير إذن السيد , وقاله الأوزاعي.
قال سحنون: ومن عليه دين قد حل وعنده له قضاء فلا ينفر ولا يرابط ولا يعتمر ولا يسافر حتى يقضيه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. وإن كان دين لم يحل أو لا وفاء له به فله أن ينفر. ولا أحب لمن له والدان أن ينفر إلا بإذنهما إلا أن ينزل بمكانه من العدو ما لا طاقة لمن حضر بدفعه فلينفر بغير إذنهما. ولو نزل ذلك بساحل بغير موضعه ولا غوث عندهم أو كان الغوث بعيداً منهم فلينفر إليهم بغير إذن الأبوين.
قيل لسحنون: فلو نزل العدو بسوسة أينفر إليهم أهل سفاقس والمنستير وهو يخافون أن يخالفهم العدو إلى مواضعهم؟ قال: إن خافوا ذلك حذراً بغير