ويكره التجارة إلى العدو وإن كان مأمونا لا يحفر فيه عهد , فكيف إن لم يأذن له أبواه؟ وقد كتبت في كتاب الحج قول مالك في شيخ زمن كره خروج ابنه إلى السفر , فقال مالك: إن كان رجلا وكان رشيدا فله أن يخرج وقيل لسحنون فيمن ليس له أبوان وله زوجة وإخوة وأخوات وأعمام وعمات وأخوال وخالات: هل يغزو بغير إذنهم؟ فقال: إن لم يخف ضيعتهم أو كان غيره القائم بهم أو هم عنه في غنى فليخرج وإن كرهوا. وإن خاف أن يضيعوا وهو القائم بشأنهم , فالمقام عليهم أفضل. فإن لم يكن بيده مال يقوم به عليهم ولا في مقامه منفعة لهم فلا بأس أن يخرج. وكذلك إن كان له مال وترك لهم كفاية. وإن كان إنما يعود عليهم بفضل يده فالمقام عليهم أفضل. قال: والزوجة ومن يلزمه الإنفاق عليه من ولده , فله أن يخرج إن ترك لهم النفقة. وإن كان إنما يعود بعمل يده , فلا يقضى عليه بالمقام ولكن يؤمر بذلك لأنه ليس على الفقير أن يؤاجر نفسه وينفق. وهذا كله في الجهاد. وأما في النفير وما يدهم من العدو فليخرج بغير إذن أبويه ولا يطعهما , وهذا فرض , وإنما يطيعهما في النافلة. ويخرج في النفير العبيد بغير إذن السادة وإن نهوا , والنساء إن قوين , ومن أطاق القتال من الصبيان وإن كره الأبوان. وعن مليء فرط في الحج حتى ذهب ماله إن له أن يغزو ولا ينتظر أن يكسب ما يحج به. وعن فقير أفاد مالا فيه ما يحج به هل يغزو قبل أن يحج؟ قال: إن كان يرجع قبل إبانه فعل , وإلا فلقم حتى يحج. وكذلك لو كان مليا ففرط في الحج حتى افتقر ثم أفاد مالا على ما ذكرنا. ولو طلب تأخيره العام ليغزو فلا يفعل وليبدأ بالحج , تقدم له تفريط وملا أو لم يتقدم.
قال سحنون: لا يغزو المكائب إلا بإذن سيده. فإن أذن له فشهد القتال ثم مات وترك وفاء وله ولد في الكتابة فلا يسهم للمكائب في المغنم.