للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينبغي أن يخرجوا إلا في كثرة ومنعة , وما جاؤوا به فلا ينبغي أن يبيعوه. قيل: فإنا نتعلف ولا نستأذن الإمام؟ قال: لو كان بإذنه كان أحب إلى إن استطعتم , ولكن الناس أكثر من ذلك. ولكن إن خرجتم ففي كثرة وعدة. قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب , قيل: أيبارز أحد العدو بغير إذن الإمام؟ قال: إن كان عدلا فلا يفعله إلا بإذنه كالقتال.

ومن كتاب ابن سحنون: ذكر حديث معاذ: الغزو غزوان , وذكر غيه: ويجتنب فيه الفساد ويطاع فيه ذو الأمر ألا فكل شيء منه أجر تام. قال سحنون: ويجب أن يطيعوا أميرهم فيما يأمرهم به وينهاهم عنه , ولا ينازعوه لقول الله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا). فإذا أمرهم بأمر لا يدرون عاقبته فليطيعوا. وقد أمر عمرو بن العاص الجيش الذين معه ألا يقدوا ناراً في ليلة باردة. فلما قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك , فقال عمرو: كان في أصحابي قلة , فكرهت أن يراهم العدو , فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا أمرهم بأمر يخاف فيه الهلكة واجتمعوا على أنه خطا , فهذا الذي لهم أن يسألوه عنه ويناظروه فيه. فإما أن يظهر لهم صوابه فيرجعون أو يتبين له الزلل فيرجع , ولا يلزمهم طاعته في هذا. وقد رجع الصحابة إلى الصديق في قتال أهل الردة وانفاذ جيش أسامة. فإذا اختلفوا فرأى بعضهم رأي الأمير فليرجع إليه من خالفه , وليتهم رأيه حتى يأتي الأمر البين.

والإمارة في الحرب غير الإمارة في غيره , وإنما يقدم فيها العالم بها ذو الحنكة والتجربة مع الفضل , وقد يقدم فيها الدون في الفضل على الفاضل لما عنده من فضل العلم بالحرب.

[٣/ ٢٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>