الإسلام , ورأوا ذلك نظراً لامتناع الحصن ولما خشوا في انصرافهم عنهم من غير أمان , قال ذلك جائز ولا بأس أن تغير السرية على غيرهم , وأما هم فلا يغربوا لهم سرحاً ولا شيئاً من أموالهم إلا ما أخذوا قبل الصلح ثم إن دخلت سرية أخرى فلا يعرضوا لأهل الحصن إن شهد عدلان بالصلح قهم أمان لهم من جميع المسلمين حتى تخرج السرية الأولى إلى بلد الإسلام , وذلك كالأجل. وكذلك لو قالوا إلى أربعة أشهر , إلا أن ينقص أهل الحصن ذلك ويقولوا نحن ننفض ذلك الصلح وننابذكم الحرب فلهم أن يقاتلوهم. فإن ظفروا بالحصن ثم اجتمعوا مع السرية الأولى ونصراً لها لقلة عددها وخوفاً عليهم , وكانت كل سرية مأمون عليهم أن تقدر على التخلص من بلد الحرب من غير حاجة إلى صاحبتها.
فأما إن كانت كل سرية لا تؤمن عليها لو انفردت ولا فيها مقدار على التخلص من بلد الحرب دون الأخرى , فكل ما غنمت كل سرية قبل أن تلتقيا أو بعدما التقيا بينهما , وإذا لم ينقض أهل الحصن ذلك لم يكن للثانية قتالهم وإن ردوا إليهم ما أخذ منهم الأولون إلا أن يرضى أهل الحصن بذلك , فلا ينبغي للمسلمين أن يردوا إليهم شيئاً ولا يعطوهم على النقض مالاً. فإن جهلوا فأعطوهم ونقض أهل الحصن ذلك وقاتلوهم فظفر بهم المسلمون , فإن كانت كل سرية نجاتها بالأخرى فللأولى الدخول معهم فيما غنموا , ولا يأخذوا ما ردوا إليهم من الغنيمة. وقال غيرنا: يأخذونه من الغنيمة , وهذا غلط لأن ما فعلوا خطأ ولم يؤدوه على أن يرجعوا به على أحد. ولو غرموه من غنيمة أخرى لم يرجعوا به. وإن لم تلتق السريتان حتى خرجوا من أرض الحرب سلم لكل سرية ما أخذت , ولم يرجع الذين ردوا إلى الحصن ما ردوا بشيء على الأولى. ولو اجتمعتا بأرض الحرب فإن كان نجاة بعضهم ببعض دخل بعضهم فيما غنم بعض. ولو لم تغنم الثانية شيئاً