وقال عنه يحيى بن يحيى فى ناس من أهل الذمة هربوا ليلاً، فأدركتهم خيل المسلمين وقد دخلوا أرض العدو فقسموا وخمسوا، ثم ادعوا أن ما فعلوا خوفاً من البيع والظلم، وكان بجوارهم قوم من العرب أهل استطالة وظلم وقهر لأمثالهم، ومن مثلهم من يهرب ويخاف، ولكن لا يعرف ما خافوا منهم وهل أريد ذلك منهم، قال: إن عرف تصديق دعواهم فى ناحية ما شكوا الظلم من جيرانهم وقدرتهم على ما يخاف منهم وسوء حالهم وما يرتكبون به من جاورهم، آخرجوهم كرهاً أو كانوا بأيديهم على قهرة وظلم، فأرى أن يصدقوا ولا يستحلوا ولا يسبوا، ويردهم الإمام إلى ذمتهم إن كان الذى يلى ذلك يقوى على دفع الظلم عنهم من هؤلاء ومن غيرهم والوفاء لهم بعهدهم، وإلا فليدعهم يذهبوا حيث شاءوا من أرض العدو وغيرها. قال أصبغ: وكذلك إن أشكل أمرهم لا يستحلوا حتى يظهر نكثهم تحت إمام عادل.
ومن كتاب ابن سحنون: وعن العدو يحل بمرسى لنا فيخرج إليهم المسلمون فيهرب إليهم علوج عندنا، منهم من أسلم ومنهم من لا يسلم، فظفرنا بهم وقد علمنا أنهم ارادوا عونهم علينا، قال لا يقتلوا وليحبسوا.
قيل: فإن لم يصلوا إلى حبسهم إلا بأن يثخنوا بالجراح؟ قال فلا ينبغى ان يجرحوا، ولا ينال منهم جرح ولا قتل إلا فى محاربة. وكذلك من هرب من أحرار ذمتنا. ولو خفنا أن يطلعوا منا على عورة فيها هلاكنا لم ينبغ أن نثخنهم بالجراح ولكن نحتال فى حبسهم إن أمكن ذلك.
قال يحيى ابن يحيى فى قوم من أهل الذمة كانوا فى ربض مدينة للمسلمين، فلما نزل بها العدو مع رجل من المسلمين قادهم إليها هربوا إلى العدو طائعين ثم ظفرنا بهم. قال: إن كان ذلك عن ظلم ركب منهم فلا يباح منهم دم ولا مال، وإن لم ينل منهم ظلم ولا خافوا ذلك من ناحية من عرف بالظلم، فأنهم إن أصيبوا بعد أن وصلوا إلى أرض الحرب فقد حلوا.