ومن كتاب آخر قال مالك: ومن أرسل كلبه أو بازه على جماعة صيد ونوى إن كان خلفها جماعة أخرى فهو عليها مرسل فأصاب صيداً من الجماعة الثانية ولو يعلم بها فإنه يؤكل، وقال أشهب: لا يؤكل إلا ما أخذ مما يراه حين الإرسال عليه، وإلا فلا يأكل مما لم يره إلا ما أدرك ذكاته. وكذلك إذا أرسله في غيضة ولا يعلم ما فيها فلا يأكل ما صاد.
ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك أنه أجاز ما صاد من الغار يرسله فيه للصيد وإن لم يدر ما فيه. وقال عيسى وقاله ابن القاسم، قال ابن حبيب وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ. وإنما لم يجوز أن يرسله أول خروجه من بيته على غير شيء رآه أو رآه لكن على ما أصاد في إرساله، وليس هذا كإرساله في الغار، والغار إرساله على جماعة لم يقصد واحداً بعينه. وكذلك ما رجاه وأشرف وقاله أصبغ، وقال وكان أشهب وابن القاسم لا يجيزان ذلك في الغيضة.
قال أصبغ: والغيضة والغار وما وراء الشرف سواء، وذلك جائز إذا أرسل على ما رجا في ذلك.
ومن العتبية قال سحنون فيمن أرسل كلبه في الجحير ولا يدري أفيه صيد أم لا، ينوي أنه مرسل على ما أصاب فقتل فيه إنه لا يؤكل، وكذلك الغيضة عنده.
ومن كتاب ابن المواز: ولو أرسل بازه على وكر في شاهقة جبل أو على شجرة، قال أصبغ فإن كان لا يصل إليه ولا إلى إلقائه بالأرض بطلوع غيره إلا بأمر يخاف فيه العطب أو التعب فإنه يؤكل بالصيد، ويصير كالغيضة والغار. ولو وصل إلى إلقائه بالأرض برمح أو غيره حتى يقع فيذكيه فلا يؤكل بالصيد. وفي العتبية عن أصبغ مثل هذا كله.