وقد قال مالك في المسألة التي ذكرنا: إن كان يحل بالدخول فجائزة فجعله وقتاً معلوماً، فإذا طلبته فهو محله عندي، دخل أو لم يدخل. فكذلك بعد البناء بسنة، وإذا طلب البناء، وأجرى النفقة فذلك له، فوقته طلبها للبناء، لا طلبه هو للبناء، فإن أخّرت ذلك، فحق لها أخَّرته.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن تزوَّج بخمسين نقداً وخمسين تحل بعد البناء بسنة: فأنا أكرهه ولا أفسخه إن نزل، وليس الدخول كالمجهول. وقد أجاز مالك البيع على التقاضي أنه جائز، لأنه قد عرف وجهه. وقال مالك فيمن نكح بخمسين نقداً وخمسين تحل بعد البناء: إنه جائز. قال ابن القاسم: وأرى في الخمسين التي تحل بعد البناء بسنة أنه إن مضى من الزمان ما بنى أكثر بلده إلى مثله، فإنها تحل بعد ذلك بسنة. وقاله سحنون.
وكذلك لو قال مع ذلك: وخمسين إلى خمس سنين. فذلك جائز. وروى أبو زيد عن ابن القاسم في ذلك أنه يفسخ قبل البناء، فإن دخل نظر إلى صداق مثلها على أن خمسين منه إلى خمس سنين، فما زاد عليها أخذته حالا، وبقيت خمسون إلى خمس سنين.
قال ابن حبيب: وإذا وقع بعض الصداق إلى غير أجل، فمات أو طلق قبل البناء، فلا شيء لها من معجل ولا مؤجل، وكذلك بمائة دينار بعد البناء، وبعبد آبق، وبعير شارد، فلا شيء عليه من معلوم ولا مجهول.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن تزوج بصداق على أن ينقد بعضه ويؤخر بعضه، فإن مات ولا وفاء له، فهو في حل لم يجز، وفسخ قبل البناء ولا شيء لها، وإن دخل بطل الشرط وثبت النكاح.