قال: وإن أعطيته عبدك النجار يعمل له اليوم بعبده الخياط يخيط لك غدًا، فجائز.
قال مالك: ومن أقام شاهدًا بدين، فأراد أن يحلف، ثم سأل المطلوب أن يعفيه من اليمين، ويؤخره سنة، فليس بحسن، أرأيت إن قال: أسلفك؟ وكذلك لو رد اليمين، فقال المطلوب: لا تحلفني، وأخرني سنة، وأنا أقر لك. فلا خير فيه، وهو سلف جر منفعة، والإقرار على هذا باطل، ويرجعان إلى الخصومة.
ومن قال لرجل: أقرضني اليوم دينارًا، وغدًا دينارًا، وأقضيك إلى شهرين دينارين، فجائز إن كان النفع للمستقرض، ولو قال: أسلفني دينارًا، وإلى شهر دينارًا، على أن أرد عليك دينارين يوم تعطيني الدينار. لم يجز، وإن كانت المنفعة للمستقرض، وكأنه أسلفه دينارًا، على أن يراطله إلى شهر بدينار، فصار بيعًا وسلفًا.
وسئل مالك فيمن لزم رجلاً بدينار، فقال له غيره: وخره، وأنا أسلفك عشرة دنانير، فكره ذلك.
قال ابن القاسم: قال مالك فيمن نزل بغريمه للقاضي، فيقيم يأكل عنده، قال: إن من ذلك ما عسى أن يكون خفيفًا، ولعله لولا دينه لم يقم.
قال مالك: ومن باع من مديانه بيعًا، أو صنع له معروفًا أو هدية، وهو قريب أو بعيد، غني أو فقير، فإن تبين أنه فعل شيئًا من ذلك لمكان الدين، لم يصلح، وما كان لغير الدين فجائز، وما أشكل فلا يقربه، وإذا كان غشيانك إياه ليلا يرهقه في دينك، فلا خير فيه، وإن كان ممن لا يخاف، فلا بأس. ثم قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.