قال مالك: ولا تأخذ بدينك من الغريم طعامًا بقريته، تبعث من يقبضه. قيل: فإن كان على ستة أميال. فكرهه، حل الدين أو لم يحل. قال: ولا ثوبًا يصبغه لك أو يخيطه، أو حنطة يطحنها، أو يكري منه به أرضًا قد رويت وإن حل. قال مالك: ولو كان طعامًا قليلاً أخذ منه بدينار، لم يصلح له أن يؤخره إلا قدر ما يجوز له في مثلها، إلى أن يأتي بحمال أو مكتال يأخذه فيه. وقاله ابن القاسم، وأشهب.
قال أشهب: وكذلك لو كان مما يكال أيامًا أو شهرًا، يقم في ذلك ما ذكرنا، لم يكن بذلك بأس إذا شرع فيه. قال: وإذا بعت الدين من غير من هو لك عليه، جاز أن تؤخره بالثمن اليوم واليومين فقط، ولا تؤخر الغريم إن بعته منه، إلا مثل ذهابه إلى البيت، فأما أن تفارقه، ثم تطلبه به، فلا يجوز. قال أشهب: فإن تفرقا، فسخ البيع إن عملاً على ذلك، أو كانا من أهل العينة، فإن لم يكونا كذلك فليلح عليه حتى يأخذ منه الثمن. قلت: فإذا لم يجز إن اكترى منه بدين عليه داره أو عبده، فهل يجوز لي أن أستحمله به عملاً؟ قال مالك: أما العمل اليسير والدين لم يحل، فذلك جائز، وإن حل، لم يجز في يسير ولا كثير. وقال مالك فيمن لك عليه درهمان، فاستحطته بدرهم، فلا تقارضه به بعد فراغه، ولكن ادفعه إليه، ثم يقضيكه في دينك. وكره مالك في رواية ابن وهب تستعمله في دين لم يحل به عملا قبل الأجل، وقال: أخاف أن يمرض أو يغيب، فيتأخر عليه حتى يحل الأجل فيصير دينًا بدين.
قال مالك: ومن ابتاع خمسين إردبًا بخمسين درهمًا، يأخذ كل شهر عشرة أرادب، ونقده الآن عشرة دراهم، على أنه كلما أخذ عشرة أرادب، نقده عشرة دراهم. قال: هذا دين بدين.