ومن باع دارًا واستثنى سكناها سنة، فانهدمت في السنة، فهي من المبتاع، ولا يرجع عليه البائع بشيء من ثنياه كالصبرة، إلا أن يصلحها المبتاع في بقية السنة، ولا يجبر على إصلاحها. قال أصبغ: لا يعجبني، وليس كالصبرة؛ لأن الصبرة قبض للمبتاع، والسكنى لم يقبض البائع ما استثنى، وثنيا السكنى لزيادة باع منها فتقوم، فيطرح مسكنه، ويرجع مما معها وكذلك ركوب الدابة إلا شيء لا بال له، مثل الأيام القلية في الدار، والبريد في الدابة، فهو لهو وسيع.
قال محمد: قول ابن القاسم أصوب، وما وجدت بقول أصبغ معنى. وهذا الباب قد تقدم أكثره في أبواب الاستثناء من الصفقة، وأبواب الجوائح.
ومن باع ثمرة واستثنى منها أقل من الثلث، فأجيحت أقل من الثلث، فلا يوضع عن المبتاع مما استثنى البائع شيء، كما لا يوضع عنه من الثمن. قاله مالك، كالصبرة، ولو أصيب الثلث فأكثر، يوضع عنه بقدر ما يوضع من الثمن. قاله مالك، وقاله أصبغ.
وروي عن مالك أنه لا يوضع عن المشتري مما استثناء البائع شيء، وإن ذهب أكثر من الثلث، ويكون ما استثنى فيما بقي. وبه أخذ ابن عبد الحكم. قال محمد: ورواية ابن القاسم أحب إلينا؛ لأن الصبرة لا جائحة فيها، وهذا فيه الجائحة، وما استثنى فهو كالثمن. وقاله أصبغ.