والبكر التي لا تؤامر في نفسها، ولكن أبوها يزوجها، فوكل الأب من يزوجها، فزوجها كل واحد، فلا يقبل قولها في الأول، وكذلك التي تؤامر في نفسها، مثل أخت الرجل، وابنته الثيب، فيوكل وليها وكيلاً على تزويجها بمؤامرتها. ثم يشهد عليها وليها عند سفره أنها أذنت له أن يزوجها رجلاً ذكره لها فيغيب، فيزوجها لزوجها الوكيل بمؤامرتها، فهذه لا تعلم أيضًا الأول، ولكن التي يزوجها وليها من رجلين بأمرها، واحدًا بعد واحد، تعديًا منه ومنها، فهذه التي الأول أحق بها، وإن بنى الآخر بها إذا عرف الأول، فإن لم يعرف، فهي لمن بنى بها، فإن لم يبن بها واحد منهما، ولم يعرف الأول، ولكل واحد بينة على نكاحه، فليفسخ نكاحهما، إلا أن تقر هذه بالأول، فيقبل قولها، وكذلك يقبل قول الأب في البكر خاصة، إن فلانًا الأول، ولا يجوز في مثل هذا قول غير الأب من الأولياء في بكر ولا ثيب، ولا يتحالف الزوجان في هذا كله، بخلاف البيع.
ومن باع سلعة من رجل، ثم باعها من غيره، فهي للأول إن عرف، وإن قبضها الآخر، فإن جهل الأول، فهي للذي قبضها، فإن لم يقبض ولا عرف الأول بالبينة، فهي لمن أمر له البائع أنه الأول، وإن قبضها أحدهما ولم يعرف الأول بالبينة، فأقر البائع أن الأول الذي لم يقبضها، لم يصدق، ولكن إن كان في الثمن الذي أخذها به القابض، فضل، فذلك الفضل للذي أقر له أنه أول، وإن كانت قيمتها أكثر، غرم له الأكثر.
وقال مالك في من باع من رجل كيلاً من طعام له بمصر، فذهب ليأتي بظرفه، فباعه من آخر كيلاً مثله، فلم يكن ذلك في الطعام، فإن باع من الثاني، وهو يرى أن ذلك فيه كله تحاصا فيه، وإن كان إنما باعه، لينقض بيع الأول، فالأول مبدأ. ثم سئل عن مثل ذلك، فقال: الأول أولى إن كان يعرف، وإلا تحاصا، وبهذا يأخذ أصحابه المدنيون والمصريون، وبه أقول.