ومن العتبية: من سماع ابن القاسم، قيل لمالك: أفيحتكر الرجل ما عدا القمح والشعير؟ قال: لا بأس بذلك.
ومن كتاب محمد والعتبية: قال مالك في الطحانين يشترون الطعام من السوق، فيغلوا سعر الناس، قال: فإنه يمنع مما أضر بالناس في ذلك. وكره ابن حبيب عن مالك مثله، وقال: قلت لمطرف وابن الماجشون مثل ما أخبراني بذلك عن مالك إن ذلك ربما رفق بالمساكين، فقالا: إنما ينظر إلى الذي رفقه أعم نفعًا، فيقر ويمنع ما هو أشد ضررًا فماذا ... ضرره أمكن من قدر ما يرفقه بالمساكين، ومنعوا مما يضر بالناس.
وعمن يشتري من الساحل ويبيعونه بنواحي الفسطاط على أيديهم؟ قال: فلا بأس بذلك في الطعام والزيت وغيره، وكذلك في ساحل الجار ليبيعه بها.
ومن الواضحة: كان ابن الماجشون ومطرف لا يريان احتكار الطعام في وقت من الأوقات إلا مضرًا بالناس، ويذكر أن مالكًا كرهه. قال ابن حبيب: فلا يرخص في ذلك إلا لجالب أو زارع. ولم ير مالك بأسًا على هذين أن يحتكرا. قال ابن حبيب: ولا يحتكر غيرهما، وليخرج من يده إلى أهل السوق، يشركون فيه بالثمن، فإن لم يعلم كم ثمنه فسعره يوم احتكره وقد فعل مثله عمر. وكذلك ينبغي في القطنية والحبوب التي هي كالقوت والعلوفة، وكذلك الزيت، والعسل، والسمن، والزبيب، والتين، وشبهه، أضر ذلك بالناس يوم احتكره أو لم يضر.
وأما العروض، فيراعى فيها احتكارها في وقت يضر بالناس ذلك، فيمنع منه، ويكون سبيله مثل ما ذكرنا في الطعام، ولا يمنع من احتكارها في وقت لا يضر.