ولعله قد أسف عليه، وأما قوله: احصد زرعي وادرسه، ولك نصفه، فلم يجزه في رواية ابن القاسم، وأجازه في رواية أشهب، ولا يصلح الجعل في عصره الزيتون والجلجلان، أن يقول: اعصره، ولك نصفه، أو ما عصرت، فله نصفه؛ لأنه لا يقدر على ترك ما شرع فيه، وإن ترك بقي للجاعل ما ينتفع به، ولا يصلح أن يقول: اعصره: ولك نصفه على المقاطعة؛ لأنها إجارة، وذلك بيع، ولا يصلح بيع نصف ما يخرج منه، ولا يصلح أن يقول اعصره بقسط من زيته ومن زيتون غيره، ويجوز لك شراء قسط من زيته، ومارق / الجعل؛ لأن الزيتون إن هلك في البيع رجعت بالثمن، وكذلك في شراء دقيق الحنطة، وفي الجعل لا يرجع عليه بشيء لأنه ليس بمضمون على صاحبه، ولو كان مضمونا كان أفسد له، ولو باع شيئا على أن يضمنه حتى يقبضه المبتاع، لم يجز، وبخلاف شرائك لدقيق الحنطة، ولو قلت له: خط هذا الثوب بققيز من هذه الحنطة، أو من دقيقها، على أن لا يأخذه حتى يفرغ. لم يجز، ولا بأس بالإجارة على طحين بنصفه، إذا كان متى شاء قاسمه، ولا يجوز أن يقول له احمل طعامي هذا إلى بلد كذا، ولك نصفه إلا أن يعطى نصفه نقدا، ولا يجوز على تأخيره إلى البلد، ولو اكتال نصفه ها هنا، ثم يحمل الجميع إلى البلد، لم يجز أيضا.
قال ابن حبيب: ولو سلم إليه نصفه إن شاء حمله أو حبسه، لجاز.
قال ابن حبيب: وكذلك قوله: حك لي من هذا لغازل ثوبا، ولك نصفه، أو: اطحن لي هذا القمح ولك نصفه. فإن قال بعد فراغه، لم يجز، وإن قال: فلك نصفه قمحا أو غزلا فجائز، وإن وقع ذلك منهما، فهو على الأمر الجائز حتى يصرح بقوله دقيقا وثوبا. وكذلك في عصر الزيتون والسمسم، وحصاد الزرع بنصفه، فمحمله على الجائز أن له ذلك قبل العصر والحمل حتى يصرح، فيقول: بعد عصره أو حصاده فلا يجوز، فإن نزل، فله أجر عمله، ويبقى الجميع لربه، وإن ذهب أو تلف قبل تمامه، فلا شيء له من الإجارة، ويجوز أن يقول: اطحن لي هذا القمح بقفيز من دقيق ولا يجوز أن يقول: على أن لك نصفه دقيقا. لأنه جعل بغرر، والأول إجارة بشيء معلوم /، ولم يجزه ابن القاسم، لأن