يسترعيه ما يقوي مثله على رعيه من الغنم، وليس للأجير عن ذلك أن يرعى لغيره، وإن لم يضر ذلك بغنمه [لأنه أجير وله خذكته كلها] في الغنم، كالدابة يكريها ليحمل عليها، فليس لربها أن يحمل عليها إلا أن يكري منه حمل وزن مسمى، أو كيل، وكذلك إن واجره على رعاية عدد معلوم، فله أن يرعى غيرها، ويكون للراعي. أجرها إن لم يضر الأول، إلا أن يكون شرط عليه لا يرعى معها غيرها، فله شرطه وقال مالك، من استأجر على رعاية غنم معينة مذكورة العدد، فابن القاسم لا يجيزه حتى يشترط خلف ما هلك أو باع، وليس بصواب، والحكم بوجب له ذلك، ويستغنى على الشرط، وذلك على الأمر الجائز حتى يشترط تصريحا أن ما مات أو بيع، فليس عليه أن يرعى له مثله، فتفسد الإجارة، وكذلك قال ابن الماجشون، وأصبغ والغرض في رعي الغنم العدد لا الأعيان، وكذلك في الجعل في شراء الثياب وتقاضي الديون في كل مائة كذا، فهو على أنه بحسابه حتى يشترط ألا شيء له حتى يتم مائة، فيفسد، وإن شرط على الراعي الضمان، لم يلزمه وله أجر مثله، وليس له أن يسترعيها غيره إلا بإذن ربها، وإن فعل ضمن، وإن كان مثله في أمانته وعناية كالأمين يأتمن غيره. ولا يجوز له أن يسقي من ألبانها أحدا.
ومن كتاب ابن سحنون، من سؤال حبيب، عن الراعي يرعى للجارين، لهذا شاة، ولهذا شاتين، فهربت من الدورشاة فطلبها قليلا، ثم رجع إلى الدور هل هذا تفريط؟ قال: ليس هذا بتفريط، ولا ضمان عليه.
ومن كتاب محمد بن المواز: وإذا كانت بينهما غنم، فواجر أحدهما الآخر على رعايتها بثمن سماه، فإن كان إذا شاء قاسمه، فذلك جائز كان فأهلك أو باع، رعى له مثله، وإن كان على أن لا يرعاها إلا الجميع، لم يجز، وللأجير على رعاية غنم أن يرعى معها غيرها، فهذا إن فعل فالأجر لمن واجره، وكذلك أجير الخدمة يؤجر نفسه من غيره يوما، فالإجارة للأول قاله مالك.