فيجب عليهم من الكراء بقدر ما انتفعوا به فأما إن حادوا قرية فلم ينزلوا قادرين على النزول أو غير قادرين؛ فإن قربوا من البر جدا حتى صاروا إلى موضع بأمن من الريح لا يخافون منه لقربهم من البر وتعلقهم بالمرسى فلو شاءوا لأرسوا ثم قلدوا فردتهم الريح فعلى هؤلاء من الكراء بقدر ذلك الموضع كما ذكرنا، وإن لم يكونوا من قرب البر وأمنه بهذا السبيل ولكن يرجون ويخافون فلا كراء عليهم. قال: وإن لم يبلغهم ريح يردهم ولكن خوف لصوص أو ردم أو طلب ذلك الركاب، فإن رجعوا بسؤال من الركاب فالكراء كله عليهم، وإن كان رب المركب هو ردهم وأكرههم فلا كراء له، وإن طلب ذلك الركاب / لخوف لصوص أو ردم أو تغير بحر فالكراء يبطل كمن لم ينتفع بشيء وذلك إذا لم يكن دون مرجعهم إلى حيث ركبوا منه مستعتب ينزلون له مما مر ومنتفع فيما خرجوا إليه، فإن كان ذلك فهذا له أن يقول إلى هذا المستعتب: إذا لم يقدر على التقدم وليس لهم الرجوع إلى موضع خرجوا منه ولصاحب المركب قدر ما انتفع به من انتفع بذلك في حمولته وتجارته، وإذا كان الركاب هم الذين مضوا بالمركب حين خافوا على أنفسهم إلى موضعهم الأول وأكرهوهم أن لا يطرحوهم دون فعليهم الكراء واجب وأحب إلي أن يكون كراء الذهاب إلى حيث انتهوا بقدره من الكراء الأول ومن كراء الرجعة بالقيمة، وإن كان الأكرياء هم الذين أكرهوا الركاب ولم ينزلوهم إلى مخرجهم الأول فلا كراء لهم أيضا.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإن اكتروا سفينة مسيرة ثلاثة أيام فحبستهم الريح عشرين يوما فأرادوا الفسخ والمحاسبة فليس ذلك لهم ولا ذلك للنوتي إن طلب ذلك منهم ومن مسائل لابن عبدوس في قوم اكتروا مركبا من الإسكندرية إلى أطرابلس فمالت بهم الريح إلى سوسة ومع المتاع ربه أو وعيله وه ومن أهل أطرابلس أو غيرها فذلك سواء؛ إن شاء أخرج متاعه بسوسة ولا كراء عليه، لزيادة المسافة، وإن شاء الرجوع إلى أطرابلس بالمتاع خاصة أو بنفسه خاصة أو بالأمرين فذلك له /؛ لأنه شرطه ولا ينظ إلى غلاء المتاع ولا إلى رخصه بسوسة.