ومن العتبية روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، وسئل عن الرجل يبعث بالمال مع رجل إلى فلان، فقدم عليه، وقام غرماء الباعث، فأرادوا أخذه، فقال الرسول: قد أمرتني بدفعه إلى فلان. وقال: إنما تقاضيته له من دين له. قال: سمعت مالكا يقول، فيمن بعث مع رجل بمال وهو خارج إلى بلد، ثم لحقه، فطلب أخذ المال، فقال له: قد أمرتني بدفعه إلى زيد صدقة منك عليه.
فقال: إن كان زيد حاضرا، حلف مع شهادة الرسول، وأخذ منه المال، وإن غاب، لم تجز شهادة الرسول، وليرده إلى الذي بعثه، فكذلك مسألتك إن كان الذي شهد له الرسول حاضرا، حلف معه، وأخذه، وإن كان غائبا، فليأخذه الغرماء، لأنه يتهم الطالب على إقرار المال بيده.
ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن دفع إلى رجل ألفا، فقال القابض:
أمرتني بدفعها إلى فلان. وقال ربها: لم آمرك بشيء فربها مصدق مع يمينه. وإلى هذا رجع مالك، وهو قول ابن القاسم.
ومن قال: وضع فلان علي يدي ألف درهم صدقة على فلان؛ لأدفعها إليه. وقال ربها: لم آمره بدفعها إلى فلان: فرب المال مصدق مع يمينه، والرسول ضامن ـ يريد وقد دفع المال ـ وإن قال: دع إلي فلان الميت مائة دينار لأتصدق بها على المساكين، ولا بينة له، فإن أقر بذلك الورثة وهم جائزوا الأمر، جاز ذلك، وإن أنكروا لم يقبل منه إلا بينة يريد شاهدا آخر معه، وهو لم ينقدها بعد. قال: وإن قال: أمرتني بدفعها إلى قوم ذكرهم بأعيانهم، فليحلفوا مع شهادته / إن كان عدلا، وهذا إذا كانوا حضورا، وأما أن كانوا غيبا، فهو متهم، ولا يجوز قوله، وهذا ما لم يكن دفعها، ولو كان قد دفعها، لضمن، ولم يكن شاهدا. ولو قال: دفعها إلى رجل لأتصدق بها، وقد فعلت: والرجل الدافع إليه مجهولا لا يعرف، فهذا لا شيء عليه، ولا يؤخذ بشيء فرقها أو كانت في يديه،