للفهم، العالم بأمر الله، القوي على أمر الناس، المستخف بسخطهم وملامتهم، ومن راقب الله، وكانت عقوبة الله أخوف في نفسه من أمر الناس، وهبه الله السلامة، فإن أهل الحق والبصيرة فيه، الملامة عنهم بطيئة.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: وإذا كان الرجل العالم فقيرا، وهو أعلم من بالبلد وأرضاهم، اسحق القضاء، ولكن لا ينبغي أن يجلس حتى يغنى، ويقضى عنه دينه.
قال سحنون: ولا يستقضي ولد الزنى، ولا يحكم في الزنى،/ كما أن القاضي لا يحكم لابنه. وكذلك في المجموعة عنه، قال أشهب في المجموعة: وذكر مثله ابن حبيب، عن مطرف وابن الماجشون، وأصبغ، قالوا: لا يستقضي إلا من يؤمن به في عفافه، وصلاحه، وفهمه، وعلمه بالسنة والآثار، ووجه الفقه الذي يؤخذ منه الكلام، ولا يصلح أن يكون صاحب حديث لا فقه له، أو فقيه لا حديث عنده، ولا يفتي إلا من كان هذا وصفه، إلا أن يخبر بشيء سمعه، ولا ينبغي وإن كان صالحا عفيفا بعد أن لا يكون له علم بالقضاء أو يولي. قالوا في كتاب ابن حبيب: فإن ما يخاف من الجهل مثل ما يخاف من الجور، قال مالك: ولا أرى خصال العلماء تجتمع اليوم في أحد، فإذا اجتمع منها خصلتان في رجل، رأيت أن يولي: العلم والورع. قال في المجموعة ابن القاسم، عن مالك: لا يستقضي من ليس بفقيه.
قال ابن حبيب: فإن لم يكن للرجل علم وورع، فعل وورع، فإنه بالعقل يسأل، وبالورع يعف، فإذا طلب العلم وجده، وإن طلب العقل لم يجده.
وقال أصبغ: إذا لم يجد الامام إلا رجلين؛ أحدهما عدل مأمون، لا علم له بالقضاء والسنة، والآخر عالم، وليس مثل الآخر في العدالة، وإن كان العالم لا بأس بحاله وعفافه، وإن كان دون الآخر في ذلك، فليول هو، وإن كان غير مرضي ولا موثوق في عفافه وصلاحه، ولقلة تقارقه ما لا ينبغي، فلا يولي هذا ولا هذا، فإن لم يجد/ غير هذين، ولى العدل القصير العلم وليجتهد ويستشير، وقد [٨/ ١١]