وفي رسالة عمر إلى أبي موسى، في كتاب ابن سحنون، وفي غيره: وإذا أدلى إليك الخصم بحجته، فاقض إذا فهمت، ونفذ إذا قضيت، وقال: واس بين الناس في وجهك وفي مجلسك وعدلك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، وقال: وإذا عرفت أهل الشغب، فأنكر وغير، فإنه من لم يزع الناس عن الباطل، لم يحملهم على الحق، ولا يمنعنك قضاء قضيت به اليوم، راجعت فيه نفسك، وهديت لرشدك أن ترجع فيه، وقاتل هواك كما تقاتل عدوك، واركب الحق غير مضار عليه، وإذا رأيت من الخصم العي والفهامة فسدده وفهمه وبصره في غير ميل معه، ولا جور على صاحبه، وقال: ثم شاور أهل الرأي من جلسائك وإخوانك، ثم عليك بشدة العقل فيما يتلجلج في نفسك مما ليس في القرآن، ولا في السنة، ثم اعرف الأشباه والأمثال والنظائر، وقس الأمور بعضها ببعض، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق منه، واجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينة أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة، وإلا استحللت عليه القضية، وليس لوال ولا قاض أن يأخذ بظنه وعلمه، ولا بما شبه في حق أو حد دون أن يستحل ذلك ببينة عدل، وإياك والغضب القلق والزجر والتأذي بالناس، في/ الخصمومة.
ومن كتاب ابن سحنون: وقال مالك: وإذا كان ما يقضي فيه القاضي مما قد ظهر وعرف، وأحكمه الماضون، قضى به، وإن لم يبين له، وليس على ما وصفنا من ظهوره، فلا يعجل ويتثبت ويستأني، قال مالك: وما قضى مما في كتاب الله عز وجل، أو مما أحكمته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الحق لا شك فيه، وما كان من اجتهاد الرأي، فالله أعلم به، قال مالك: وليحكم بما في كتاب الله، فإن لم يكن فيه، فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صحبته الأعمال، فإذا كان خبرا صحبت غيره الأعمال، قضى بما صحبته الأعمال، فإن لم يجد ذلك عن رسول [٨/ ١٥]