قال مطرف، وابن الماجشون، في كتاب ابن حبيب: يفعل ذلك باجتهاده. قال محمد بن عبد الحكم: وأحب إلي أن يفرد للنساء يوما، وإن كان لا بد أن يخاصمهن الرجال، فذلك أقل لمخالطتهن الرجال، فإن احتاج إلى كشف وجه امرأة ليعرف بها، أو ليشهد شهودا عليها، كشف وجهها بيد أيدي العدول من أصحابه، وإن كان بحضرته من الخصوم من لا يشهد عليها، أمر بتنحيتهم، وكذلك إن كان على رأسه من لا يأمنه على ذلك، لا ينبغي أن يستعين بأحد لا يؤمن في كل شيء، ولا يجلس النساء مع الرجال، وليفرق بينهم في المجلس لا يلصق بعضهم ببعض، ويجعل للنصارى يوما أو عشية أو وقتا من بعض الأيام بقدر قلتهم وكثرتهم، يجلس لهم في غير المسجد، وإذا كانت الخصومة في الفروج مثل طلاق امرأة، أو عتق جارية، فلا بأس أن يسمع البينة في ذلك، ويؤثرها على أهل الدعوى، ويسمعها في غير مجلس الحكم، فإذا كان في ذلك ما توقف به المرأة والجارية، فعل حياطة للفروج، ثم ينظر بعد في ذلك كما ينظر في غيره.
قال سحنون: والغرباء وأهل المصر سواء، إلا أن يرى غير ذلك في الغرباء باجتهاده مما لا يدخل على أهل المصر منه ضرر. وقال أشهب مثله، وزاد: وإن رأى أن يجعل للغرباء يوما، ولغيرهم يوما ويومين، فذلك له، وإن رأى أن يبدأ بالغرباء كل يوم فعل، وإن كثروا، فلا يبدأ بهم كل يوم، وليجعل لهؤلاء دعوة، ولهؤلاء دعوة. ثم يبدأ منهم بطائفة في/ أول يوم، ثم يميل إلى أهل المصر حتى يقوم، ثم يبدأ اليوم الثاني بباقيهم، ثم يميل إلى أهل المصر يفعل ذلك حتى تنقضي لك الدعوة، فإن خاصم فيما بين ذلك من لم يكن كتب اسمه في الدعوة، فهو مخير في إثباته في أول من يدعو، أو في وسط، أو في آخر، أو في تركه حتى ينقضي جميع من كتب في الدعوة باجتهاده، وليس من جاء ويخاف أن يفوت أمره، كالذي في أمره أناة ولا يخاف فوته. [٨/ ٣٦]