جلس خارجا في غير مجلس قضائه، وحيث يأتيه الناس ويجلسون معه، أن يجلس إليه أحد الخصمين.
ومن المجموعة: قال أشهب: وإذا جلس الخصمان بين يديه، فلا بأس بمسألته إياهما، فيقول: ما لكما؟ أو: ما خصومتكما؟ / أو: ما تطلبان؟ أو: يتركهما حتى يبتدئانه بالمنطق، ذلك اوسع، غير أنه إذا تكلم المدعي، أسكت المدعي عليه، واستمع من المدعي حتى يسمع حجته، ثم يأمره بالسكوت، ويستنطق الآخر؛ وذلك ليفهم حجة كل واحد منهما، وإن تكلما جميعا، إلتبس عليه، ولا ينبغي أن يبتدئ أحدهما فيفرده، فيقول له: مالك؟ أو: تكلم. أو: ما تريد؟ إلا أن يكون علم أنه المدعي، فلا بأس بذلك، وإذا علم المدعي منهما، فلا يبتدئ المدعى عليه، ولا بأس إذا جلسا إليه ولم يدر المدعي أن يقول: أيكما المدعي؟ فإن قالا: هذا. سأله عن دعواه، وأسكت صاحبه، وإن قال أحدهما: أنا المدعي، وسكت صاحبه، فلم ينكر، فلا بأس أن يسأله عن دعواه، وأحب إلي أن لا يسأله حتى يقر له الخصم الآخر بذلك، وإن قال أحدهما: المدعي هذا، فلم ينكره خصمه، فلا بأس أن يسأله عن دعواه، ولا أحب أن يعنى بمسألته عن ذلك؛ لأنه مبدأ في إقرار صاحبه بالكلام، فإن كان لا يرد ذلك، فليس على ما قال صاحبه، فإذا قيل له: تكلم، قال: لست بالمدعي. وإن قاما على هذا يقول كل واحد منهما للآخر: هذا المدعي: فللقاضي أن يقيمهما عنه حتى يأتي أحدهما إلا الخصوم، فيكون هو الطالب، وقاله أصبغ، في كتاب ابن حبيب.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال كل منهما: أنا المدعي. فإن كان أحدهما الذي استعدى وجلب الآخر إلى القاضي، سمع منه أولا، وإن لم يدر من [٨/ ٤٥]