ومن كتاب ابن سحنون: قال: وكان سحنون إذا حضر المدعي وخصمه وبينة، أمرهم بالقعود، ثم يسمع دعوى المدعي وإنكار المنكر، ويكون مقعد الكاتب بالقرب منه، فإذا كتب دعوى المدعي، وإنكار المنكر، عرض ذلك عليه، فإن كان ما كتب الكاتب موافقا لما كان منهما، أقر ذلك، وإن أنكر شيئا غيره، ثم يسأل البينة عن شهادتهم، فإن كانت مخالفة لدعوى المدعي، لم يأمر الكاتب أن يكتبها، وأخرجهم، وإن وافقت دعواه، كتبها.
ومن المجموعة: قال ابن أبي حاز في الرجل يأتي القاضي فيخبره بالخصومة فيما بينه وبين خصم: ولا ينبغي للقاضي أن يخبره بما يقضي به له ولا عليه، حتى يحضر خصمه، فيختصمان عنده، ثم يقضي بينهما.
وكان سحنون، رحمة الله عليه، إذا أتاه الرجل يسأله عن مسألة من مسائل الأحكام، لم يحببه، وقال: هذه مسألة خصومة، إلا أن يكون رجلا يعلم أنه متفقة، فيسأل على جهة التعليم، فيجيبه، أو مسائل الوضوء، والصلاة، والزكاة. قال مطرف، وابن الماجشون، في كتاب ابن حبيب: والصلاة، والطلاق، والنكاح، والعتق. وأما في الدعوات، والمواريث، والأقضية، وما يعلم أنه من خصومات الناس، فلا يجيب في ذلك إلا المتفقة.
قالا: ولا بأس أن يجلس في مجالس العلماء، فيعلم إن كان يتعلم منه أو يتعلم إن كان متعلما، فكل ذلك حسن، وكان يقال: من عيب القاضي أنه إذا عزل/، لم يرجع إلى الموضع الذي يتعلم فيه العلم.
وقال مالك في المختصر: لا يفتي القاضي في مسائل القضاء، وأما في غير ذلك، فلا بأس به. [٨/ ٤٧]