إيقاع شهادته عنده، ولا يقبلها منه مرفوعة في رقعة، ويكشفه عن تلك الشهادة، ويختبره بكل ما استطاع حتى يقع منه على حقيقة أمر أو يردها.
قال مطرف وابن الماجشون: وإذا أمر كاتبه فوقع الشهادة وهو عنده كاتب ثقة، فلا بأس. وأحب إلينا أن ينظر إذا أوقعها كاتبه.
قال سحنون في كتاب ابنه: وينبغي للقاضي أن يعرض كتاب الشهادة بعد ما يكتبه الكاتب، ويقرأها على الشاهد، ثم يطبع عليها فيرفعها في موضع رفع الكتب. قال: ولا ينبغي أن يلقن شاهدا، ولكن يدعه يشهد بما عنده، فإن كانت شهادته جائزة، قبلها، وإن كانت غير جائزة، ردها. قال في موضع آخر: وإن أشكل عليه، كتبها حتى ينظر. وكذلك قال أشهب في المجموعة، وقال أيضا؛ لا يلقن الشاهد ولا يحجبه، ويدعه يشهد بما عنده، ويرفق به في مسألته استفهامه، ولا ينبغي له أن يفرق الشهود إلا عن تهمة،/ فيفعله في رفق، ويكشفها كشفا رفيقا عن كل ما يريد حتى يتضح له برأيهما من تهمته؛ أو يحق الريبة عليهما، فيطرح شهادتهما. وقاله محمد بن عبد الحكم.
قال سحنون: ولا يقول القاضي للشاهد: أتشهد بكذا؟ فهذا تلقين.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا كان الشهود عدولا، فنسي أحدهما، فلا بأس أن يذكره الآخر، ويصف له الموضع، ومن أشهد فيه، فإن ذكر قبل منه؛ لقول الله سبحانه:(فتذكر إحداهما الأخرى) وقوله: (أن تضل) يريد: أن تنسى.
ومن كتاب أصبغ: وإذا اتهم القاضي الشهود على الغلط، فلا يفرق بينهم، سأله الخصم أو لم يسأله، ولا يدخل عليهم في ذلك رعبا؛ لأنه إذا قصد الشاهد بهذا رعب واختلط عقله، ولكن يسمع منهم، ويسأل عنهم، وإذا شهدوا على [٨/ ٤٩]