للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في كتاب ابنه: وإن جاءه تزكية رجل من رجل عنده ثقة، وأتاه عن ثقة آخر: أنه غير عدل، أعاد المسألة، فإذا اجتمع رجلان على التزكية فطنان متنبهان غير مخدوعين، أمضى ذلك، ولا يأخذ بقول رجل واحد على الفساد، وإن اجتمع نفر على التزكية، واجتمع رجلان على الفساد، أخذ بقولهما إن كان عدلين مبرزين.

وهذا كله يحكيه ابن سحنون، عن أبيه.

ومن المجموعة: قال أشهب: ولا ينبغي للمكشف أن يسأل رجلا واحدا أو اثنين، وليسأل الثلاثة والأربعة أو أكثر إن قدر، ومثله من أول الكلام عن ابن حبيب، عن مطرف، وابن الماجشون، إلا أنهما قالا: ولكن يسأل الاثنين والثلاثة، ولا يقتصر على سؤال واحد. قال أشهب في المجموعة: حيف أن يزكيه من أهل وده، بخلاف ما يعلمه عليه اثنان وثلاثة من غيرهم، ويسأل عنه عدولا، فيجرحه، قال: لا ينبغي للقاضي أن يضع أذنه للناس في الناس حتى يقبل كل ما أتوا به، فإن عداوة بعضهم لبعض تحملهم على ذلك، وقد لا يعلم بعدواته أداه، ومنهم من يدمن من يقول، ثم يصدق هو قوله، ومنهم من يتخذ ذلك صناعة ليستأكل الناس به، ومنهم من يأتيه على النصرة، فلا يقبل شيئا من هذا قبولا يعتقد عليه، ولكن يعي ذلك، ثم يكشف عن المقول/ ذلك فيه، وعن عداوة إن كانت. قال الله سبحانه "فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة". قال: وإن بعث القاضي إلى من لا يشك في عدله من العلماء ببلدة، فجمع منهم أئمة وسألهم عن معرفتهم بالناس، فما اجتمعوا عليه منهم من أهل العدالة، استجاز شهادته، ومن لم يعرفوه عدله له من قد عرفوه، رأيت ذلك حسنا.

قال محمد بن عبد الحكم: ومن الناس من لا يحتاج أن يسأل عنه لاشتهار عدالته، ومنهم من لا يسأل عنه لشهرته بغير العدالة، وإنما يسأل عن ما أشكل [٨/ ٥٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>