للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حبيب، عن مطرف، وابن الماجشون: إذ شتم الخصم صاحبه، يقول: يا فاجر، يا ظالم، ونحو ذلك، فيلزجر ويضرب على مثل هذا، ما لم يكن فلتة من ذي مروءة، فليتجاف عن ضربه حتى يكون جلوسهم عنده بدعة حسنة وصمت ووقار وحلم، فإنه من لم ينصف الناس في أعراضهم، لم ينصفهم في أقوالهم.

قال سحنون، في كتاب ابنه، والمجموعة: إذا تناول الخصم أحد الشاهدين بما لايصلح؛ يقول: شهدتم علي بزور، أو بما يسألكم الله عنه. أو يقول: ما أنت من أهل العدل، ولا من أهل الدين. فلا يمكن الخصم من هذا لأهل الفضل، والقدر، والعدالة، ويكون أيضا على قدر القائل والمقول له؛ فمنهم معروف بالأذى، معاود له، فأدبه بقدر جرمه، وشدة ما انتهك من حرمة الرجل على قدر الرجل المنتهك حرمته في فضله وعدالته، وعلى قدر الشاتم في أذى الناس، وما عرف منه، وإن كان ممن ذلك منه فلتة، أو زلة، وهو من أهل الفضل، وكانت ضارها، فليتجاف عنه، ويشدد عليه، وليتقدم إليهم في ذلك، وذلك بعد التقدمة أبين وأشد.

قال ابن كنانة، في المجموعة: إذا قال الخصم لشاهد: شهدت علي بالزور. فإن عنى أن ما شهدت به علي باطل، فلا يعاقب، وإن كان إنما قصد أذاه، والشهرة له، نكله الإمام بقدر حال الشاهد والمشهود عليه.

قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال الخصم للقاضي: اتق الله. فلا ينبغي، ولا يضيق بذلك، ولا يكثر/ عليه، وليتثبت، وينظر، ويجيبه صوابا لينا، مثل أن يقول: رزقني الله تقواه. أو يقول: ما أمرت إلا بخير، وعلينا وعليك أن نتقي الله.

وليبين له من أين يحكم؟ وكذلك لو قال له: اذكر الله. فإن بان له أمر، فقال له: إن من تقواي الله أن آخذ منك الحق إذا بان لي. أو يقول: ولولا تقوى الله ما حكمت عليك. من غير أن يظهر عليه لذلك غضب. [٨/ ٦٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>