وقال ابن حبيب: قال مطرف: وكل من لا يجوز للحاكم أن يشهد له، فلا يجوز حكمه له، وهم الآباء، وإن بعدوا، والأبناء وإن سفلوا، وزوجته، ويتيمه الذي يلي هو ماله.
قال ابن الماجشون: يجوز حكمه لمن لا يجوز له شهادته؛ من أب وابن، إلا ولده الصغير،/ أو يتيما، أو زوجته، فأما غير هؤلاء الثلاثة، فحكمه له وعليه جائز؛ وقال أصبغ مثل قول مطرف إذا قال: ثبت عندي. ولا يدري أثبت أو لم يثبت، ولم يحضر الشهود، وكانت الشهادة ظاهرة لحق بين، فحكمه له جائز، ما عدا الثلاثة الذين ذكر ابن الماجشون، ورأيت في كتاب أصبغ، أنه يجوز قضاؤه لكل أحد وعليه، من ولاه مثله أو عليه، أو قرابة، أو ولد، أو زوجة، أو أخ، أو مكائب، أو مدبر، إذ صح الحكم، وكان من أهل القيام بالحق، لا من أهل التهم، وهو قد يحكم للخليفة وهو فوقه، فهو أتهم فيه لتوليته إياه، وحكمه له جائز. ثم قال في كتابه هذا: ولا ينبغي للقاضي أن يطلب حقا، أو يطلب هو له، أو أحد من عترته وخصمه وإن رضي الخصم، بخلاف رجلين رضيا بحكم أجنبي، فينفذ ذلك. وقال في موضع آخر: ينبغي أن يرفع ذلك إلى غيره، وإن رضي الخصم أن يقضي بينه وبين نفسه، فلا أحب ذلك للقاضي أن يفعله، فإن فعل، فليشهد على رضائه، ويحكم بالعدل ويجتهد، وإن قضى لنفسه أو لمن لا يجوز له قضاؤه، فليذكر في حكمه القصة كلها، ويذكر رضاه بالخصومة عنده، ويقوع شهادة من شهد برضائه، وإذا قضى في ذلك لنفسه، أو لمن لا يجوز له قضاؤه باختلاف من العلماء غير شاذ، فأحب له إن رأى أفضل منه أن يفسخ حكمه، فإن لم يفعل حتى مات، أو عزل، فلا يفسخه غيره إلا في خطأ بين، وإن حكم على نفسه، أو على من لا يجوز حكمه عليه، باختلاف غير شاذ/، فلا أحب له أن يفسخه؛ لأنه يتهم فيه. قال: وإذا رضى خصم القاضي أن يخاصم عنده، هل يوكل القاضي وكيلا يقوم بحجته؟ قال: يفعل من ذلك ما رآه أقرب إلى الحق، وأقطع للظنة. قال أيضا: ولا يجوز حكمه لنفسه بحال، ولا ينبغي أن يفعل ذلك برضاء الخصم أو بغير رضائه، كان خصمه مليا أو عديما. [٨/ ٧٥]