قال ابن الماجشون في معنى قول مالك: لا ينقض قضاء القاضي بما اختلف فيه، فأما ما فيه سنة قائمة عن النبي عليه السلام، فليفسخ الحكم فيه بخلافها، من ذلك أن يستسعى العبد بعتق بعضه، فيقضي باستسعائه في عدم المعتق، فهذا ينقض، ويرد إليه ما أدى، ويبقى العبد معتقا بعضه، إلا أن يرضى من له فيه الرق بإنقاذ عتقه والتمسك بما أخذ؛ لما ثبت من السنة أن يعتق ما عتق.
ومن ذلك القضاء بالشفعة بالجوار أو بعد القسمة، فهذا يفسخ، ومنه الحكم بشهادة النصراني؛ فإنه يفسخ؛ لقول الله سبحانه:"وأشهدوا ذوي عدل منكم".
ومن ذلك ميراث العمة والخالة، وتوريث المولى الأسفل، وشبه هذا من الشاذ مما تواطأ على خلافه أهل بلد الرسول، وما كان غير هذا مما هو يتفق العلماء وارتيا رأي واجتهاد، فليمض، وإن كان خلاف رأي أهل المدينة، وهذا فيما يأخذه الحاكم من هذا، ويعطيه لهذا، فأما ما هو ترك لما فعل الفاعل، وإمساك أن يحكم عليه بغيره، مثل ما جاء من الاختلاف في الطلاق قبل النكاح، والعتق قبل الملك، ونكاح المحرم، والحكم بالقسامة، وطلاق الغيرة فيما قيل إنها واحدة بائنة، فلو خيرها فاختارت نفسها، ثم تزوجها قبل زوج، فرفع إلى حاكم يراه ذلك، فأقره، ولم يفرق بينهما، ثم رفع إلى من بعده، فهذا يفسخ نكاحها، ويجعلها البتة، وليس إقراره الأول حكما منه وإن شهد على ذلك وكتب.
ومثل من حلف بطلاق امرأة: إن تزوجها، ثم نكحها، أو بعتق عبد إن ملكه، ثم ملكه، أو نكح وهو محرم، فرفع إلى حاكم، فأقر الملك والنكاح، وأقام شاهدا على قتل رجل، فرفع إلى من لا يرى القسامة، فلم يحكم بها، ثم رفع ذلك [٨/ ٩٥]